لفظ:"إنما بنيت لذكر الله والصلاة" والحديث في الصحيح فإن هذا الحصر يدل أنه لا يجوز غير الصلاة والذكر في المسجد إلا بدليل كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد ثقيف في مسجده قبل إسلامهم وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أنزل وفد الحبشة في مسجده ولعبوا فيه بحرابهم وهو ينظر إليهم وفي كلا الفعلين مصلحة ظاهرة عائدة إلي الإسلام أما إنزال وفد ثقيف فلأجل يشاهدون عبادة المسلمين وتواضعهم لله وكثرة ذكرهم له فتلين قلوبهم وأما إنزال وفد الحبشة فلو لم يكن من ذلك إلا المكافأة لملكهم الصالح الذي هاجر إليه المسلمون فأحسن جوارهم وفعل بهم تلك الأفعال الحسنة وقد ثبت أنهم كانوا يتناشدون فيه الأشعار ولهذا قال حسان لعمر قد كنت أنشد وفيه يعني المسجد من هو خير منك.
وكان غالب ما يتناشدونه ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومد الإسلام وأهله وذم الكفر وأهله وفي ذلك مصلحة ظاهرة وبهذه الخصوصية يمتنع إلحاق غيره من الأشعار به.
ومما يدل على جواز تعلم العلم في المساجد وتعليمه ما أخرجه أحمد ["٢/٣٥٠، ٤١٨، ٥٢٧"] ، وأبوا دأود وإسناد رجاله ثقات عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخل لغير ذلك كان كالناظر إلي ما ليس له".
ومما ورد المنع منه في المساجد الحد والقصاص لما أخرجه أحمد ["٣/٣٤٣"] ، وأبو دأود ["٤٤٩٠"] ، والدارقطني والحاكم وابن السكن والبيهقي من حديث حكيم بن حزام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقام الحدود في المساجد ولا يستفاد فيها" وإسناده لا بأس به.
ومما ورد النهي عنه في المساجد ما في حديث أبي هريرة عند الترمذي وحسنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتم من يبيع أن يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد الضالة فقولوا لا رد الله عليك".
والنهي عن إنشاء الضالة ثابت في الصحيح ومن ذلك حديث واثلة الذي أخرجه ابن ماجه مرفوعا:"جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر" وإسناده ضعيف ولكن له شاهد عند الطبراني وغيره بسند فيه العلاء بن كثير الشامي وهو ضعيف من حديث مكحول عن أبي الورد وأبي أمامة وواثلة من حديث مكحول عن معاذ وهو منقطع ولابن عدي من حديث أبي هريرة وفيه عبد الله بن محرر وهو ضعيف.
وأخرج ابن ماجة ["٧٤٨"] ، من حديث ابن عمر مرفوعا قال:"خصال لا ينبغين في المسجد لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يقيض فيه بقوس ولا ينثر فيه نبل ولا يمر فيه بلحم نيء ولا يضرب فيه حد ولا يقتص فيه من أحد ولا يتخذ سوقا" وفي إسناده زيد ابن جبير الأنصاري وهو متروك.
ومن جملة ما ثبت المنع منه في المساجد البصق فيها كحديث "البصاق في المسجد