للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبر الموتى فيها ووردت أحاديث صحيحة مصرحة بالنهي عن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وبعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وظاهر النهي التحريم ولم يرد ما يدل على صرفة عن معناه الحقيقي وهو التحريم إلي معناه المجازي وهو كراهة التنزيه ولم يرد ما يدل على تخصيص ذوات الأسباب من هذا العموم نعم ما ورد فيه دليل يدل على فعله من غير فرق بين وقت الكراهة وغيره كتحية المسجد فبينه وبين أحاديث النهي عموم وخصوص من وجه فيرجع إلي مرجح لأحدهما على الآخر خارج عنهما فإن كان ترجيح الحظر على الإباحة من المرجحات المعمول بها كما يدل عليه حديث: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإن نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" كان المتعين ترك تحية المسجد في الأوقات المكروهة وينبغي للمتحري لدينه تجنب دخول المساجد فيها فإن دخل لحاجة فلا يقعد.

قوله: "وأفضل الوقت أوله"

أقول: قد كان استمرار رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل الصلوات في أول أوقاتها وكان ذلك ديدنه وهجيراه ولا يخالف في ذلك أحد ممن له اطلاع على السنة المطهرة وورد من أقواله ما يدل على ذلك كحديث "أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها" [البخاري "٥٢٧، ٢٧٨٢، ٥٩٧٠، ٧٥٣٤"، مسلم "١٣٧، ١٣٨"، و "١٣٩" و "١٤٠/٨٥"، أحمد "١/٤٥١، ١/٤٠٩ – ٤١٠" و "١/٤٣٩"، النسائي "١/٢٩٢"، ابن ماجة "١٧٣"] . وما ورد في معناه وجعل قوم الإسفار بالفجر أفضل ولكن كان آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم التغليس بها وورد عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن تأخير صلاة العشاء إلي ثلث الليل أو إلي نصف الليل أفضل وأنه إنما ترك ذلك لئلا يشق على أمته وورد عنه صلى الله عليه وسلم رخصة الإبراد بالظهر وعلل ذلك بأن "شدة الحر من فيح جهنم" [البخارس "٥٣٦"، مسلم "٦١٥"، النسائي "٥٠١"، ابن ماجة "٦٧٧"، الترمذي "١٥٧"، أبو دأود "٤٠٢"] .

والحاصل أن أفضل الوقت أوله إلا ما خصه دليل مع بيان أنه أفضل كتأخير العشاء لا مجرد الترخيص لعذر فإنه لا يعارض أفضلية أول الوقت.

والعجب من استدلال الجلال للرافضة في قولهم بتأخير صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم لحديث "لا حتى يطلع الشاهد" [مسلم "٢٩٢/٨٣٠"، النسائي "٥٢١"، والشاهد النجم ثم تكميل هذا الاحتجاج الساقط بقوله ولام النجم للاستغراق فيا لله العجب من وقوع هذا المحقق في مثل هذه المضايق التي يتحاشى كل عارف أن يقع في مثلها وهب أن قول والشاهد النجم ليس بمدرج وأنه من كلام النبوة فكيف يحمل على الاستغراق فيكون مدلوله أن تطلع نجوم السماء كلها حتى لا يبقى نجم وهكذا لو قال قائل لآخر لا اكرمك حتى يأتي الرجل وهو غير مريد لرجل بعينه كان مدلوله على ما زعم الجلال امتناع الإكرام حتى يأتي كل رجل في الدنيا فأي فهم يسبق إلي مثل هذا أو أي علم يدل عليه ويستفاد منه وقد بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صلاة المغرب حتى صلوها في يومي التعلم في وقت واحد عند غروب الشمس وكانوا يفرغون منها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طول القراءة وإن الرجل ليبصر مواقع نعله ٢ كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة وقال: "لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا صلاة

<<  <   >  >>