وروى الأثرم عن ابن عباس أنه صلى بجماعة من الصحابة منهم عمار بن ياسر فلما فرغ من الصلاة ضحك وأخبرهم أنه اصاب من جارية له رومية فصلى بهم وهو جنب متيمم.
وأخرج البخاري ["٦٩٤"] وغيره من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يصلون بكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم".
قول: "والمختلفين فرضا"
أقول: قد ذكرنا أن الدليل على من زعم أن ثم مانعا من الصحة ولكن أما مع اختلاف الفرضين فمدعي الصحة يحتاج إلي دليل على ذلك ولم يثبت أصلا ولا سمع في ايام النبوة بمثل هذا.
فالحاصل أن الفريضة إن كانت واحدة فالأصل صحة الائتمام والدليل على من ادعى عدم الصحة أما إذا كانا مفترضين فريضة فظاهر وهكذا إذا كانا متنفلين وقد قدمنا أن الأدلة على ذلك كثيرة جدا.
وأما إذا كان الإمام مفترضا والمؤتم متنفلا فلحديث "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه" أخرجه أبو دأود ["٥٧٤"] ، والترمذي] "٢٢٠"] ، وحسنه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم فإن الخطاب لجماعة قد صلوا فريضتهم.
وأما إذا كان الإمام متنفلا والمؤتم مفترضا فلحديث معاذ المتقدم وما ورد في معناه.
وأما مع الاختلاف أداء وقضاء مع اتفاق الفريضة فلم يثبت شيء من هذا في أيام النبوة ولا في أيام الصحابة.
وأما مع الاختلاف وقتا فلا يحل لمن لم يكن عنده أن ذلك الوقت وقت للصلاة أن يدخل فيها لا إمأما ولا مؤتما فإن فعل فقد عصى وصلاته باطلة وإذا كان إمأما فقد صحت صلاة المؤتم به الذي يعتقد دخول الوقت لحديث "وإن أخطأ فلكم وعليهم".
وأما مع الاختلاف في القبلة فلا يحل من اعتقد أن القبلة في غير جهة إمامه أن يأتم به.
وأما استثناء الخلاف في المذهب فلا بأس بذلك لكن لا يجوز أن يخالفه فيما نص عليه حديث "لا تختلفوا على إمامكم".
من ذلك التفصيل وإذا عرفت هذا علمت أن قوله: "وتفسد على المؤتم بالنية وعلى الإمام حيث يكون بها عاصيا" لا ينبغي أن يؤخذ كليا فإن الفساد لا يكون إلا لفوات ما دل الدليل على أن الصلاة لا تكون صلاة إلا به وقد قدمنا تحقيق هذا.
ولا وجه لقوله: "وتكره خلف من عليه فائتة" لعدم وجود الدليل على ذلك والكراهة حكم شرعي لا يجوز القول به مجازفة وعلى تقدير كون التراخي عن قضاء الفائتة معصية فذلك لا يستلزم عدم صلاحيته للإمامة كما تقدم.
قوله: "وكرهه الأكثر صلحاء".
أقول: ما ورد فيمن أم قوما وهم له كارهون من الوعيد متوجه إلي الإمام ولم يرد في