وفي الصحيحين [البخاري "٦٣٠"، مسلم "٦٧٤"، وغيرهما [أبو دأود "٥٨٩"، الترمذي "٢٠٥"، النسائي "٢/٧٧"] من حديث مالك بن الحويرث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ولصاحب لي: "إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما".
ولمسلم ["٦٧٤"، وأحمد "٣/٤٣٦"، "وكانا متقاربين في القراءة".
فهذا الترتيب النبوي هو الذي ينبغي اعتماده والعمل عليه ولم يرد شيء في تقديم الراتب على غيره وما قيل إنه قد ثبت له سلطان لكونه راتبا فذلك مجرد دعوى فإن السطان أمره بالمعروف لغة وشرعا.
نعم إذا كان الرجل في بيته فقد ثبت في صحيح مسلم ["٢٩١/٦٧٣"] ، وغيره أبو دأود ""٥٨٢"] : "لا يؤم الرجل الرجل في أهله".
وهكذا لم يرد في تقديم الأورع شيء يخصه وأما حديث ابن عباس الذي رواه الدارقطني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم" فلا تقوم به الحجة لضعف إسناده.
وهكذا لا دليل على تقديم الأشرف نسبا والاستدلال بمثل حديث "الناس تبع لقريش" [مسلم "١٨١٩"، أحمد "٣/٣٧٩"] ، ونحوه وضع الدليل في غير موضعه.
وأما قوله: "ويكفي ظاهر العدالة ولو من قريب" فمبنى على اعتبار العدالة في إمام الصلاة وقد قدمنا ما فيه كفاية.
[فصل
وتجب نية الإمامة والائتمام وإلا بطلت أو الصلاة على المؤتم فإن نويا الإمامة صحت فرادى والائتمام بطلت وفي مجرد الاتباع تردد] .
قوله: "فصل ويجب نية الإمامة والائتمام" الخ.
أقول: صلاة الجماعة عمل لأن لها وصفا زائدا على صلاة الفرادى بالاجتماع والمتابعة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الأعمال بالنيات" وصح عنه أنه قال: "لا عمل إلا بنية" فلا يكون الإمام إمأما ولا المؤتم مؤتما إلا بالنية فإذا لم ينويا جميعا لم تكن جماعة وصحت صلاة الجميع فرادى ومجرد الانتظار والمتابعة لا يوجبان البطلان.
وهكذا إذا نويا الائتمام لم يكن ذلك موجبا لبطلان صلاتهما لأن نية الإمامة قد تضمنت نية أصل الصلاة مع نية أمر زائد عليها وهو التجميع فإذا بطل كونها جماعة لم يبطل كونها صلاة