"١٢٩٠"] ، من حديث عبد الله بن السائب قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب"، وهذا الحديث هو من الأحاديث المسلسلة بيوم العيد وقد رويته مسلسلا بإسناد إلي النبي صلى الله عليه وسلم في مجموعي الذي سميته إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر".
قوله: "إلا أنه لا يقعد أولا".
أقول: هذا صواب لأنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قعد في خطبة العيد بل كان يفرغ من الصلاة فيقوم ثم يخطب.
قوله: "ويكبر في الأولى تسعا" الخ.
أقول: لم يرد في ذلك دليل صحيح للتمسك به وأما ما رواه البيهقي عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة أنه قال من السنة أن تفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى والثانية بسبع تكبيرات تترى فإن أراد سنة النبي صلى الله عليه وسلم فالحديث مرسل وإن أراد سنة الصحابة فلا تقوم به الحجة إلا أن يكون إجماعا منهم قال ابن القيم وأما قول كثير من الفقهاء إنه تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وخطبة العيد بالتكبير فليس معهم فيها سنة من النبي صلى الله عليه وسلم ألبتة والسنة تقضي خلافها وهو افتتاح جميع الخطب بالحمد انتهى.
وأما قوله: "وفي فصول الأولى من خطبة الأضحى التكبير المأثور" فلم يؤثر في ذلك شيء ألبتة فإن أراد أنه يستحب في فصول هذه الخطبة تكبير التشريق الذي سيأتي فهو لم يؤثر في خطبة العيد قط.
قوله: "ويذكر حكم الفطرة والأضحية".
أقول: أما ذكر حكم الفطرة في خطبة عيد الفطر فلم يثبت في ذلك شيء ولكنه إذا فعل ذلك الخطيب فهو من البيان الذي شرعه الله مع كون ذلك مزيد اختصاص بهذا اليوم.
وهكذا ذكر حكم الأضحية وما يجزىء منها وما لا يجزىء وبيان وقتها وما ينبغي للمضحي أن يفعله في أضحيته وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه خطب يوم الأضحى فذكر مشروعية النحر بعد الصلاة وأن من نحر قبل الصلاة فليست بأضحية".
وأما كون الخطبة تجزىء من المحدث فذلك صواب لعدم الدليل على أن يكون الخطيب متطهرا.
وأما أنها تجزىء من تارك التكبير فتارك التكبير ابعد من البدعة من فاعله كما قدمنا.
وأما كون الإنصات مندوبا فلكون سامع الموعظة ينبغي له أن يفهمها وإذا اشتغل بالكلام ولم ينصت لم يفهمها فهو إنما يحسن من هذه الحيثية لا من حيث الدليل فإنه لم يرد في خطبة العيد ما يدل على ذلك ولا ورد ما يدل على المتابعة في التكبير ولا ورد ما يدل في خصوص خطبة العيد على المتابعة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه ورد ما يدل على مشروعية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره وهم أعم من أن يكون في خطبة العيد أو في غيرها ولم يخص إلا خطبة الجمعة لوجوب الإنصات فيها.