للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عروة بن سعيد الأنصاري ويقال عزره عن أبيه وهما مجهولان.

وحديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لا يؤخرون الصلاة إذا آنت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفؤا"، أخرجه أحمد ["١/١٠٥"، والترمذي "١٧١"، وابن ماجه "١٤٨٦"] ، وابن حبان والحاكم وفي إسناده مقال لا يقدح في صلاحيته للاحتجاج به ويشهد لهما أحاديث الإسراع بالجنازة.

وأما استثناء الغريق ونحوه فظاهر لأن من كانت حياته مرجوة كان تعجيل دفنه حراما.

قوله: "ويجوز البكاء والإيذان لا النعي وتوابعه".

أقول: أعلم أنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من طرق في الصحيحين [البخاري"١٢٩٢"، مسلم "٢٦/٩٣٢"] ، وغيرهما [النساءي "١٨٥٨"] ، "أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"، وفي لفظ: "من ينح عليه يعذب بما ينح عليه" وهو في الصحيحين [البخاري"١٢٩١"، مسلم "٩٣٣"، وغيرهما فهذا يدل على أن النوح والبكاء الذي يمكن دفعه حرام وأما مجرد فيضان العين وذروفها بالدموع من دون صوت ولا نوح ولا تعمد للبكاء فهو الذي حصل الإذن به وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيحين [البخاري "١٣٠٣"، مسلم "٦٢/٢٣١٥"] وغيرهما "العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيحين [البخاري"١٣٠٤"، مسلم "١٢/٩٢٤"] وغيرهما لما رأى القوم بكاءه فقال: "ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلي لسانه - أو يرحم"، وهو الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيحين [البخاري "١٢٢٤"، مسلم "١١/٩٢٣"] ، وغيرهما لما بكى عند أن رأى نفس الصبي تقعقع كأنها في شنة ففاضت عيناه "هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء".

فهكذا ينبغي أن يكون الجمع بين الأحاديث المختلفة في هذا الباب.

وأما الإيذان بموت الميت فقد ثبت في كتب اللغة أن النعي هو الإخبار بموت الميت وإذاعته وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين [البخاري "٤٥٨"، مسلم "٩٥٦"] ، وغيرهما [أحمد "٢/٣٥٣، ٣٨٨"، أبو دأود "٣٢٠٣"] ، أنه قال لما رأى قبرا دفن ليلا فقال: "متى دفن هذا؟ " فقالوا: البارحة قال: "أفلا آذنتموني؟ " وثبت في الصحيح [البخاري "١٣٣٧"،مسلم "٩٥٦"، أبو دأود "١٢٠٣"، ابن ماجة "١٥٢٧"، أحمد "٢/٣٥٣"] أنه قال ذلك لما أخبروه بموت السوداء أو الأسود الذي كان يقم المسجد فدل على أن مجرد الإخبار بموت الميت من دون إذاعة ولا تفجع جائز لإنه قد ورد ما يدل على أن في كثرة المصلين عليه منفعة له وأنهم شفعاؤه وأيضا لا بد من حضور من يتولى تجهيزه وحمله ودفنه فإخبارهم بذلك مما تدعو إليه الحاجة وتقتضيه الضرورة.

وأما ما ذكره من توابع النعي فهي ما ورد النهي عنه من ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوة الجأهلية كما في الصحيحين [البخاري "١٢٩٤، ٢١٩٧"، مسلم "١٠٣"] ، وغيرهما

<<  <   >  >>