وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي أمامة قال لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله" قال ابن حجر وسنده ضعيف.
قوله:"ورشه".
أقول: استدل على ذلك بما أخرجه الشافعي وسعيد بن منصور والبيهقي عن جعفر ابن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم الماء وهو مرسل وعن جابر عند البيهقي قال رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم الماء رشا فكان الذي رش على قبره بلال بن أبي رباح بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلي رجليه ولا يصح الاستدلال بهذا لوجهين الأول أنه لا حجة في فعل بلال الثاني أن في إسناده الواقدي والكلام فيه معروف وقد تقدم ذكر الرش في حديث عامر ابن ربيعة المذكور في القول الذي قبل هذا.
قوله:"وتربيعه".
أقول: قد اتفق أهل العلم على جواز التربيع والتسنيم وإنما اختلفوا في الأفضل فاستدل القائلون بأن التسنيم أفضل بما أخرجه البخاري في صحيحه ["٣/١٩٨"،ن ١٩٩"] عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسما واستدل القائلون بالتربيع بما أخرجه أبو دأود عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة قال قلت يا أمة بالله اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة وقد عرفت أن هذا فعل لبعض الصحابة ولكن حديث أبي الهياج الأسدي عن علي قال أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته أخرجه مسلم ["٩٦٩"، وأبو دأود "٣٢١٨"، والترمذي ١٠٤٩"، والنسائي ٢٠٣١"] ، يدل على أن التربيع أفضل لأن التسنيم بعض إشراف.
قوله: "ورفعه شبرا".
أقول: رفع القبر هو من الإشراف الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم فلا يباح منه إلا ما ورد الإذن به وقد أخرج أبو دأود في المراسيل عن صالح بن صالح قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم شبرا أو نحو شبر وأخرج أبو بكر الآجري في صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عثيم بن بسطام المديني قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه في إمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعا نحوا من أربع أصابع وقد قدمنا لك أن هذا إنما هو من فعل بعض الصحابة فلا تقوم به الحجة وقد ثبت النهي عن أن يبنى على القبور كما في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر.
قوله: "وكره ضد ذلك".
أقول: ما دل عليه دليل مما تقدم بدون ما يقتضي الحتم ولا كراهة الترك فليس تركه مكروها وغايته أنه خلاف الأولى وأما ما لم يدل عليه دليل فتركه أولى من فعله لأن فعله ابتداع.