أقول: الزخرفة حرام لنهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يجصص كما في صحيح مسلم ["٩٧٠"] ، وغيره [أحمد "٣/٣٩٩"، أبو دأود "٣٢٢٥"، الترمذي "١٠٥٢"، النسائي "٢٠٢٧"، ابن ماجة"١٥٦٢"] ، وأما استثناء المصنف لرسم الاسم فمن نصب الرأي الفاسد في وجه الدليل الصحيح فقد ثبت عند الترمذي ["١٠٥٢"] ، وغيره [ابن ماجة "١٥٦٣"، أبو دأود "٣٢٢٦"، وقال صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب على القبر وهكذا رواه النسائي بلفظ النهي عن أن يكتب على القبر قال الحاكم الكتابة على القبر وإن لم يذكرها مسلم فهي على شرطه.
قوله:"ولا ينبش لغصب قبر ولا كفن".
أقول: قد علم بالضرورة الدينية عصمة مال المسلم وأنه لا يخرج عن ملكه إلا بوجه مسوغ فمن زعم أن الدفن من مسوغات ذلك فعليه الدليل ولا دليل وقد تقدم أنه يشق بطنه لاستخراج ماله في نفسه لكون ذلك إضاعة مال فكيف لا ينبش للمال الذي اغتصبه وهو الكفن أو الأرض التي دفن فيها مع كونه إتلاف لمال محترم معصوم بعصمة الإسلام وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من اغتصب شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين" [البخاري "٢٤٥٣"، مسلم "١٤٢/ ١٦١٢"] ، فكيف بمن اغتصب قبرا هو عدة أشبار وهكذا ينبش إذا ترك بغير غسل لأن الغسل واجب شرعي لا يسقطه الدفن إلا بدليل ولا دليل هذا إذا كان يظن أن جسمه لم يتفسخ وأن غسله ممكن وهكذا التكفين لا يسقطه الدفن إلا بدليل ولا دليل لأنه واجب شرعي لا يسقط إلا بمسقط شرعي.
وأما مجرد الاستقبال فلم ينتهض الدليل على وجوبه حتى ينبش لتركه.
وأما الصلاة فقد قدمنا ثبوت الصلاة على القبر بالأدلة الصحيحة وذلك يكفي ويسقط الواجب ويحصل به مطلوب الميت من الشفاعة.
وأما قوله:"بل لمتاع سقط" فصواب لما قدمنا.
ومن غرائب المصنف الفرق بين غصب القبر والكفن وبين المتاع الساقط في القبر مع كون الكل من أهلاك مال الغير وإضاعته مع اختصاص الأول بكونه غصبا.
قوله:"ومن مات في البحر وخشي تغيره" الخ
أقول: هذا صواب وليس في الإمكان غير ما قد كان وأما كونه لا يجوز ذلك إلا مع خشية التغير فلا وجه له ولا دليل عليه بل هو مصادم لأدلة تعجيل تجهيز الميت التي قدمنا ذكرها.
قوله:"وحرمة مقبرة المسلم والذمي من الثرى إلي الثريا".
أقول: مجرد الحرمة يدل عليها ما أخرجه أحمد ["٥/٨٣، ٨٤، ٢٢٤"، أبو دأود "٣٢٣٠"، والنسائي "٤/٩٦"، وابن ماجه "١٥٦٨"] ، والحاكم وصححه من حديث بشر بن الخصاصية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يمشي في نعلين بين القبور فقال:"يا صاحب السبتيتين ألقهما" فإذا كان المشي على المقبرة بالنعال ممنوعا فازدراعها وتغيير رسمها وإذهاب قرارها ممنوع بفحوى الخطاب ولكن إلحاق مقبرة أهل الذمة بالمسلمين إن كان من جهة كونهم في أمان المسلمين