وهكذا حديث: "ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة"، لا تقوم به الحجة فإنه رواه الشافعي مرسلا وروى من طرق لا تصح.
وأما وجوب الفطرة على غير المكلف فليس ذلك من تكليف غير المكلف بل من تكليف ولله كما صرحت به الأدلة وأنه يخرجها من مال نفسه عنه وعمن ينفقه.
وأما ما ورد في الزكاة من أنها تؤخذ من الأغنياء وترد في الفقراء فهذا متوجه إلي المكلفين كغيره من التكاليف ودعوى أن غير المكلفين داخلون في هذا مصادرة على المطلوب لأنه استدلال بمحل النزاع.
قوله: "كمل النصاب في ملكه طرفي الحول"
أقول: قد دلت الأدلة في كل نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة على إن له نصابا معلوما يتعلق الوجوب به ويسقط الوجوب إن لم يكمل فمن زعم انه يثبت الوجوب في دون النصاب من كل نوع فقد خالف الأدلة الصحيحة فإن تمسك بعمومات أو مطلقات فقد ترك العمل بالمخصصات والمقيدات وذلك تقصير في الاجتهاد وترك لما يجب العمل به وإعمال لبعض الأدلة وإهمال للبعض الآخر.
وأما ما ورد في الشريكين فسياتي أنه صلى الله عليه وسلم جعل اجتماع الغنم في المسرح والمراح بمنزلة الاجتماع في الملك.
وأما قوله: "طرفي الحول" فذلك فيما كان حول الحول شرطا له لأما كان المعتبر فيه حصول نصاب منه عند حصوله كما أخرجت الأرض.
ثم الظاهر انه لا بد من استمرار كمال النصاب في جميع الحول من كل نوع من الأنواع التي اعتبر فيها الحول فإذا نقص المال عن النصاب في بعض الحول ثم كمل بعد ذلك استأنف التحويل من عند كماله إذا لم يكن النقص لقصد التحيل لعدم وجوب الزكاة.
وظاهر ما ورد في اعتبار الحول انه لا بد ان يكون النصاب كاملا من أوله إلي آخره كما في حديث على عند [أحمد "١/١٤٨"، وأبي دأود "١٥٧٣"، والبيهقي: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول".
وحديث ابن عمر عند أحمد وأبي دأود والترمذي بلفظ: "من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول".
وحديث علي أيضا عند أبي دأود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون لك عشرون دينارا فإذا كان لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار" وقد نقل عن البخاري تصحيحه وحسنه ابن حجر.
وقد ورد اعتبار الحول من حديث عائشة عند ابن ماجه [١٧٩٢"] ، والدارقطني والبيهقي والعقيلي وفي إسناده حارثة بن أبي الرجال وفيه ضعف ومن حديث أنس عند الدارقطني وفيه