وأما قوله: "ولو من هاشمي" فهو الحق لعموم الادلة.
وأما الاستدلال بما رواه الحاكم في النوع السابع والثلاثين من علوم الحديث عن العباس قال قلت يا رسول الله انك حرمت علينا صدقات الناس فهل تحل صدقات بعضنا لبعض؟ فقال: "نعم" فهذا الحديث قد اتهم به بعض رواته كما ذكره الذهبي في الميزان وفيهم من لا يعرف فلا يصلح للتخصيص.
قوله: "ويعطى العامل والمؤلف من غيرها".
أقول: أما العامل فيدل على تحريمها عليها عليه وعدم جواز قبضه للأجرة منها حديث الفضل وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب انه والفضل بن العباس انطلقا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم تكلم احدنا فقال يا رسول الله جئناك لتؤمرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ونؤدي اليك ما يؤدي الناس فقال: "إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد إنما هي أوساخ الناس".
أخرجه [أحمد "٩/٧٧، ٨٨"، ومسلم "١٠٧٢"] ، وغيرهما [أبو دأود "٢٩٨٥"، النسائي "٥/١٠٥"، ١٠٦"] ، فهذا فيه دليل انه لا يجوز للعامل على الزكاة من بني هاشم ان يأخذ عمالته منها فإنهما قد بينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انهما إنما يريدان ان يعملا على الزكاة ويصيبا منها ما يصيبه غيرهما من العمال فيها وهو أجرة العمال فمنع من ذلك معللا للمنع بأنها أوساخ الناس.
وأما المؤلف فهو بالمنع من ان يأخذ من الزكاة أولى من العامل لان العامل إنما ياخذ أجرة على قدر عمله والمؤلف لا عمل له على الصدقة فلا يحل تأليفه منها بل يعطى من غيرها.
قوله: "والمضطر يقدم الميتة".
أقول: أما هذا فتشديد عظيم فإنه قد جاز للمضطر ان يتنأول ما يسد به جوعته من مال غيره فكيف بما هو من اموال الله ولا يخفى ما في أكل الميتة من القذر الذي تنفر عنه النفوس وقد لا تسيغه غالب الطبائع فهذا الذي بلغ إلي حالة الاضطرار له في اموال الله سعة والزكاة من جملتها وإذا قدر على القضاء فعل.
ولا وجه لتعليل تقديم الميتة بأن دليلها قطعي فهو ان كان قطعي المتن فهو ظني الدلالة وأيضا قد عرفناك ان الادلة على تحريمها على بني هاشم متواترة فهي قطعية المتن كالقرآن.
قوله: "ويحل لهم ما عدا الزكاة والفطرة والكفارات".
أقول: ان كان لفظ الصدقة المذكور في الاحاديث يتنأول الفطرة والكفارات فهما كالزكاة وان كان لا يتنأولهما فلا دليل على تحريمهما وأما التعليل لتحريمهما بأنهما من أوساخ الناس فصدقة النفل هي من أوساخ الناس مع صدق اسم الصدقة عليها وقد ذكرت في شرحي للمنتقى الخلاف في تحريم صدقة النفل عليهم فليرجع اليه.
قوله: "واخذ ما اعطوه ما لم يظنوه إياها".