للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس وان وجدته في قرية مسكونة أو طريق ميتاء فعرفه".

وإذا تقرر لك هذا الحديث عرفت انه لا وجه لايجاب الخمس فيما استخرج من البحر من الجواهر ونحوها ولا فيما استخرج من الارض من المعادن ونحوها بل في الكنز الذي هو من كنز الجأهلية فقط وعلى تقدير ان الركاز يتنأول زيادة على دفين الجأهلية وسلمنا الاحتجاج بالمحتمل فلا يشمل زيادة على معدن الذهب والفضة.

وبهذا يتضح لك انه لا خمس فيما ذكره المصنف من الدرة والعنبر والمسك والنحل والحطب والحشيش والعسل.

قوله: "والثاني ما يغنم في الحرب".

أقول: هذا أمر متفق عليه كما حكاه القرطبي قال اتفقوا على ان المراد بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] . مال الكفار إذا ظفر بهم المسلمون وقد حكى هذا الاجماع غيره من أهل العلم والادلة من الكتاب والسنة فيه أوضح من كل واضح واجلى من كل جلي وأما حرب بغاة السملمين فقد وردت الادلة الصحيحة بعصمة اموالهم بكلمة الإسلام والقيام بأركانه فلا يحل من اموالهم الا ما دل الدليل الناقل عن تلك العصمة عليه فمن جاء به صافيا عن شوب الكدر فبها ونعمت ومن عجز عن ذلك وقف حيث أوقفه الله وكف يده ولسانه وقلمه عن الكلام فيما ليس من شأنه ولا اذن الله له به.

ولا فرق في المغنوم من الكفار بين الاراضي وغيرها وأما استثناء المأكول فلا بد فيه من دليل يصلح لاخراجه من عموم الغنائم ولا يصلح لذلك ما روى انهم كانوا يأكلون ما يكفيهم من طعام ونحوه لاحتمال ان يكون ذلك بعدالقسمة أو انه محسوب عليهم من نصيبهم من الغنيمة وفي حديث الجراب الشحم المغنوم في خيبر ما يرشد إلي ما ذكرناه وهو ثابت في الصحيح [البخاري "٧/٤٨١"، مسلم "٧٢/١٧٧٢"] .

قوله: "الثالث الخراج والمعاملة وما يؤخذ من أهل الذمة".

أقول: أما الخراج والمعاملة فأرضهما هي من الارض المغنومة من الكفار وفيها الخمس لانها المغنومة وأما ما يؤخذ منها من خراج أو معاملة فأمر وراء الغنيمة لان تلك الارض بعد تخميسها أما ان تقسم على السملمين ولكل واحد منهم ان يدعها في يد أهلها على خراج يؤدونه أو معاملة وذلك هو فائدة ارضه التي دخلت في ملكه كما يدخل في ملكه بالشراء والميراث وله ان يدعها في يد أهلها ويتصرف بها بما شاء من بيع أو غيره.

وأما إذا لم تقسم تلك الارض ورضى الغانمون بأن يشتركوا فيما حصل من غلتها فليس عليهم في ذلك خمس لان الخمس قد وجب في أصل الارض.

وأما الجزية وسائر ما يؤخذ من أهل الذمة فعدم الخمس فيها معلوم لانها موضوعة على أهل الذمة إلي مقابل تأمينهم وعصمة اموالهم ودمائهم وليست من الغنيمة التي تغنم في الحرب.

والحاصل ان ايجاب الخمس في هذه الثلاثة الأنواع لم يكن لدليل ولا لرأي مستقيم.

<<  <   >  >>