للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث في الصحيحين وغيرهما انه صام في السفر وأفطر وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما انه قال لحمزة الاسلمي: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر"،

وأما قوله صلى الله عليه وسلم للصائمين في السفر: "ليس من البر الصوم في السفر"، فانما قال ذلك لما رأى زحأما ورجلا قد ظلل عليه فقال: "ما هذا"؟ فقالوا صائم هكذا في الصحيحين فمن بلغ به الصوم إلي مثل ذلك الضرر فليس صومه من البر لان الله سبحانه قد رخص له في الافطار وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة ومعه عشرة آلاف يصوم ويصومون حتى إذا بلغ الكديد افطر وأفطروا.

وفي الصحيحين من حديث أنس قال: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.

وأخرج مسلم من حديث أبي سعيد قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصوم الصائم ويفطر المفطر فلا يعيب بعضهم على بعض والاحاديث في هذا الباب كثيرة.

قوله: "والاكراه".

أقول: أما من اكره على الافطار ولم يقدر على الدفع ولا بقي له فعل ف وجه للحكم عليه بأنه قد افطر بل صومه باق ولا قضاء عليه وهذا المكره إلي هذا الحد أولى بان يقال فيه لا يفطر من الناسي وأما إذا بقي له قدرة على الدفع حتى لا يفطر فذلك واجب عليه لان إكراهه على الافطار منكر يجب إنكاره.

وأما قوله: "وخشية الضرر مطلقا" فإذا خشى وقوع ضرر عليه في بدنه أو ماله ان لم يفطر جاز له الافطار والظاهر انه لا يبطل صومه بهذا الافطار الذي خشى إذا لم يفعله الضرر لانه مستكره وقد قال صلى الله عليه وسلم: "رفع عن امتي الخطأ والسنيان وما استكرهوا عليه"، وله طرق يقوى بعضها بعضا.

هذا إذا كان الضرر الذي يخشاه صادرا من جهة الغير أما إذا كان صادرا من جهة نفسه لعدم القدرة على الصوم وحدوث الضرر أن فعل فالافطار جائز له لانه قد صار بذلك في حكم المريض وعليه القضاء كما قال سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] ، ووجوب الافطار لخشية التلف علوم من قواعدالشريعة كلياتها وجزئياتها كقوله تعالي: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ٦] .

"وإذا امرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم".

وحفظ النفس واجب ولم يتعبد الله عباده بما يخشى منه تلف الانفس وقد رخص لهم في الافطار في السفر لانه مظنة المشقة فكيف لا يجوز لخشية التلف أو الضرر.

<<  <   >  >>