"ان يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود، قال: "لئن بقيت إلي قابل لأصومن التاسع"، وفي لفظ له من حديث ابن عباس: "إذا كان العام المقبل صمنا اليوم التاسع"، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية "صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود".
فينبغي لمن أراد ان يصوم يوم عاشوراء ان يصوم اليوم الذي قبله.
قوله: "ويكره تعمد الجمعة".
أقول: قد ثبت في الصحيحين من حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الجمعة ثم ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصوموا يوم الجمعة الا وقبله يوم أو بعده يوم"، فهذا الحديث المقيد يقيد به إطلاق الحديث الأول ثم ثبت في صحيح مسلم وغيره التقييد بقوله: "إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"
فالحاصل أن صوم يوم الجمعة منهي عنه إلا أن يصوم يوما قبله أو بعده أو يوافق صوما كان يصومه وقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم على جويرية لما دخل عليها وهي صائمة يوم الجمعة فقال لها: "أصمت أمس؟ " قالت: لا قال: "أتصومين غدا؟ " قالت: لا قال: "فأفطري" كما في البخاري وغيره ويجمع بين هذه الاحاديث وبين ما روى انه صلى الله عليه وسلم كان يصومه بما تقدم في الحديثين.
وورد أيضا النهي عن صوم يوم السبت كما في حديث عبد الله بن بسر عن اخته واسمها الصماء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت الا فيما افترض عليكم فإن لم يجد احدكم الا عود عنب أو لحاء شجر فليمضغه" أخرجه أحمد وابو دأود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه ابن السكن فكان على المصنف ان يذكر يوم السبت مع يوم الجمعة وقدتقدم جواز صومه مع صوم يوم الجمعة فيكون النهي مقيدا بهذا القيد ويحمل عليه ما روى من صومه صلى الله عليه وسلم يوم السبت.
قوله: "والمتطوع امير نفسه".
أقول: قد ثبت في اصحيح البخاري وغيره ان سلمان أمر ابا الدرداء بأن يفطر من صوم كان متطوعا فيه في قصة قال في اثرها فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان".
وأخرج أحمد والترمذي والدارقطني والطبراني والبيهقي انه صلى الله عليه وسلم قال: "لأم هانئ المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وأن شاء أفطر"، وفي إسناده سماك بن حرب وفيه مقال.
وأخرج أبو دأود والنسائي عن عائشة انه اهدى لحفصة طعام وكانتا صائمتين