وأما قوله:"ويكفي الكسب في الأوب" فهو غير صحيح فإن الاستطاعة إنما تكون بوجود الزاد للذهاب والاياب حتى يعزم وهو على ثقة من نفسه بعدم الضياع ونفس الكسب ووجود من يكتسب ما يحتاج اليه معه إحالة على معدوم لا يدرى هل يوجد من بعد أولا يوجد ولا فرق بين ذي العول وغيره وقد عرفت مما سبق انه لا بد من وجود ما يكفي من يعوله إلي رجوعه وبالجملة فالاتكال على الكسب قريب من الاتكال على السؤال الذي نزل في شأنه قوله تعالي: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة: ١٩٧] .
[فصل
وهو مرة في العمر ويعيده من ارتد فأسلم ومن احرم فبلغ أو اسلم جده ويتم من عتق ولا يسقط فرضه ولا تمنع الزوجة والعبد من واجب وإن رخص فيه كالصوم في السفر والصلاة أول الوقت الا ما أوجب معه لا بإذنه الا صوما عن الظهار أو القتل وهدى المتعدى بالاحرام عليه ثم على الناقض] .
قوله: فصل: "وهو مرة في العمر".
أقول: هذا الحكم قد صار من المعلومات بالضرورة الشرعية وليس في قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] ، الا الدلالة على المرة الواحدة وقد زاد ذلك أيضاحا ما وقع من السؤال للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابه بأنه لا يجب لا مرة وقد اجمع على ذلك جميع المسلمين سابقهم ولا حقهم ولا يعرف في ذلك مخالف من أهل الإسلام.
قوله:"ويعيده من ارتد فأسلم".
أقول: عوده إلي الإسلام توبة والله سبحانه قابل التوبة وهو الذي لا يضيع عمل عامل وقد قيد الاحباط في كتابه العزيز بالموت على الكفر فقال: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ}[البقرة: ٢١٧] ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام:"أسلمت على ما اسلفت من خير" لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجأهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم فيها أجر.
فإذا كانت الاعمال الصالحة في الجأهلية مكتوبة لفاعلها إذا أسلم فكتبها للمسلم الذي عملها في حال إسلامه ثم ارتد ثم عاد إلي الإسلام ثابت بفحوى الخطاب.
وأما ما قوله:"ومن احرم فبلغ" الخ فقد قدمنا قريبا الكلام في الصبي والكافر والعبد وفيه ما يغني عن الاعادة هنا ولا يخفاك ان ايجاب التمام على العبد مع عدم اسقاطه للفرض من غرائب الرأي المبنية على الخيال.