بالفعل والنذر ومن احرم بحجتين أو عمرتين أو ادخل نسكا على نسك استمر في احدهما ورفض الاخر وأداه لوقته ويتعين الدخيل للرفض وعليه دم ويتثنى ما لزمه قبله] .
قوله: فصل: "وإنما ينعقد بالنية مقارنة لتلبية أو تقليد".
أقول: الاحرام هو مصير الشخص من الحالة التي كان يحل له فيها ما يحرم عليه بعدها إلي الحالة التي يحرم عليه فيها ما كان يحل له فيها ولو لم يكن الا مجرد الكف عن محظورات الاحرام لكان ذلك معنى معقولا لكل عاقل كالصوم فإنه ليس الا الكف عن تنأول المفطرات فمن قال انه لا يعقل معنى الاحرام وانه ليس هناك الا مجرد النية وان النية لا تنوى والا لزم التسلسل فقد اخطأ خطأ بينا ومعلوم ان الشريعة المطهرة بعضها أوامر وبعضها نواه والتعبد في النواهي ليس الا بالكف فيلزمه ان يطرد هذا التشكيل الركيك في شطرالشريعة.
وأما ايجاب النية فقد عرفناك غير مرة ان كل عمل يحتاج إلي النية والعمل يشمل الفعل والترك والقول والفعل وعرفناك ان ظاهر الادلة يقتضى ان النية شرط في جميع ما تقدم من العبادات لدلالة أدلتها على ان عدمها يؤثر في العدم وهذا هو معنى الشرط عند أهل الاصول.
وأما كون النية تقارن التلبية فقد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دوأوين الإسلام من غير وجه انه أهل ملبيا وقد قدمنا لك ان افعاله واقواله في الحج محمولة على الوجوب لانها بيان لمجمل القرآن وامتثال لأمره صلى الله عليه وسلم لأمته ان يأخذوا عنه مناسكهم فمن ادعى في شيء منها انه غير واجب فلا يقبل منه ذلك الا بدليل.
وأما كونها تقارن التقليد فلما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في عام الحديبية:"انه لما كان بذي الحليفة قلد الهدى وأشعره واحرم بالعمرة"، [البخاري " ٣/٥٤٤"، أبو دأود "١٧٥٤"، أحمد "٤/٣٢٣"] .
قوله:"ولو كخبر جابر"
أقول: هو حديث أخرج معناه أحمد من طريقين ورجاله رجال الصحيح وأخرجه البزار أيضا ومضمونه انه بعث صلى الله عليه وسلم بهدي إلي الحرم ثم نزع قميصه وقال: "إني أمرت بهدي ان يقلد ويشعر فلبست قميصي ونسيت".
ويخالفه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة قالت انا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء احله الله له حتى نحر الهدي ويمكن الجمع بتعدد القصة ويؤيد ذلك ما أخرجه النسائي من حديث جابر انهم إذا كانوا حاضرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعث الهدى فمن شاء أحرم ومن شاء ترك وقد كان ابن عباس وابن عمر يبعثان بالهدى ويمسكان عما يمسك منه المحرم وقال ابن المنذر قال علي وعمر وقيس بن سعد وابن عباس والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون من ارسل الهدي واقام حرم عليه ما يحرم على المحرم وقال آخرون لا يصير بذلك محرما.