أقول: قد صح عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما [مسلم "٤١/١٤٠٩"، أحمد "١/٦٩"، أبو داود "١٨٤١"، الترمذي "٨٤٠"، النسائي "٥/١٩٢"، ابن ماجة ١٩٦٦"] ، النهي عن ذلك فقال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح" كما في حديث عثمان بن عفان وروى النهي أيضا من حديث ابن عمر أخرجه أحمد وفي إسناده أيوب بن عتبة وقد وثق وروى مالك في الموطإ والدارقطني عن أبي غطفان عن أبيه عن عمر بن الخطاب ان رجلا
تزوج وهو محرم ففرق بينهما ولا يعارض هذا ما في الصحيحين [البخاري "٤/٥١"، مسلم "٤٧/١٤١٠"، وغيرهما [أحمد "١/٢٦٦"، أبو داود "١٨٤٤"، الترمذي "٨٤٢"، النسائي "٥/١٩١"، ابن ماجة "١٩٦٥"] ، من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم لوجهين الأول انه أخرج أحمد والترمذي من حديث ميمونة نفسها انه تزوجها وهو حلال وبنى بها وهو حلال.
وأخرجه أيضا مسلم وابن ماجه بلفظ تزوجها وهو حلال وأخرج أحمد والترمذي وحسنه من حديث أبي رافع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا وبنى بها حلالا وكنت الرسول بينهما وأخرج أبو دأود ان سعيد بن المسيب قال وهم ابن عباس في قوله تزوج ميمونة وهو محرم فهذه رواية ميمونة ورواية أبي رافع وهو السفير بينهما ارجح من رواية ابن عباس لانهما اخبر بالقصة.
والوجه الثاني ان حديث ابن عباس غاية ما فيه على فرض انه ارجح لكونه في الصحيحين ان ذلك جائز لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون خاصا به والنهي خاصا بالامة كما تقرر في الاصول ان فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة وعلى تقدير شمول النهي له فيكون فعله مخصصا له.
وأما قوله: "إلا الشهادة والرجعة" فوجهه ان النهي إنما ورد في النكاح.
قوله: "ولا يوجب إلا الإثم".
أقول: هذا صحيح لان الاصل البراءة عن لزوم شيء في المال حتى يأتي الدليل الدال عليه ولم يرد في هذه المذكورات دليل يدل على انه يلزم فاعلها شيء فيجب التوقف في الايجاب على ما ورد وقد عرفناك غير مرة ان اموال المسلمين معصومة بعصمة الإسلام لا يحل اخراج شيء منها عن ملكهم الا بناقل يصلح للنقل والا كان ذلك من أكل اموال الناس بالباطل.
قوله: "ومنها الوطء ومقدماته" الخ.
أقول: أما كون المحرم ممنوعا من الوطء فظاهر لا سيما بعد حمل قوله: {فَلا رَفَثَ} على الجماع وأما كونه يجب عليه بدنة وفي الامذاء وما في حكمه بقرة وفي تحرك الساكن شاة فليس في هذا شيء في كتاب الله سبحانه ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمأما روى من اجتهادات بعض الصحابة فقد عرفت انها لا تقوم بها الحجة فيما هو دون هذا واعجب من هذا ما سياتي من ان الوطء يفسد الحج ويجب الاستمرار فيه والقضاء له وسيأتي الكلام على هذا إن شاء الله.