أقول: قد قدمنا في طواف القدوم انه صلى الله عليه وسلم ثبت عنه انه توضا ثم طاف فالحاق سائر الطوافات به إلحاق صحيح لعدم الفارق ولكن المصنف رحمه الله خبط في هذا الفصل فإن قوله وإلا أعاده من لم يلحق بأهله لا يناسب ما ذكره من وجوب الطهارة لأن الاعادة فرع البطلان والبطلان لا يكون الا لخلل شرط أو ركن والطهارة واجبة في الطواف كما قال وليست بشرط ولا ركن ثم قوله فإن لحق بأهله فشاة لا دليل عليه كما قدمنا ثم إيجابه على من فاته طواف الزيارة بدنة عن الكبرى وشاة عن الصغرى لا دليل عليه ولا يوافق الرأي الذي بني عليه لأن الطهارة إذا كانت شرطا بطل طواف الزيارة بعدمها ما تقرر ان الشرط يؤثر عدمه في العدم وإذا بطل طواف الزيارة فهو عنده ركن من أركان الحج الثلاثة وذلك يقتضي أن يبطل الحج ببطلانه وقد جرى على هذا في الفصل الذي بعدهذا فما ذكره هنا من أن يجبره الدم لا يناسب مجرد الرأي فضلا عن الرواية وإذا عرفت عدم لزوم الدم عرفت عدم صحة قوله ثم عدلهما.
وأما قوله ويعيده إن عاد فهو مخالف لما سيأتي له من قوله فيجب العود له ولأبعاضه وهكذا قوله فتسقط البدنة الخ فإنه مبني على لزومها ولا لزوم كما عرفت وهكذا على التعري بأنه كالحدث الاصغر لا دليل عليه وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:"لا يطوفن بالبيت عريان"، [البخاري "٣/٤٨٣"، مسلم "١٣٥/١٣٤٧"، وظاهر هذا ان من طاف عريانا فلا طواف له.
وأما اشتراط طهارة اللباس فلا دليل عليه ولا يفيد حديث "الطواف في البيت صلاة" لما قدمنا.
[فصل
ولا يفوت الحج الا بفوات الاحرام أو الوقوف ويجبر ما عداهما دم الا الزيارة فيجب العود له ولأبعاضه والايصاء بذلك] .
قوله:"فصل ولا يفوت الحج" الخ.
أقول: أما فوات الحج بفوات الاحرام فلا دليل يدل على ذلك الا إذا ثبت ما يدل على انه شرط فيما هو ركن من أركان الحج كالوقوف وطواف الزيارة.
وأما فوات الحج بفوات الوقوف فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال:"الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك"، [أبو داود "١٩٤٩"، الترمذي "٨٨٩"، النسائي "٥/١٥٦"، ابن ماجة ٣٠١٥"، أحمد "٤/٣٣٥"] ، وصح عنه انه قال: "من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة. ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه"، وفي ذلك دليل يدل على ان الحج يفوت بفوات الوقوف بعرفة.