سأل صاحب المقراة قائلا يا صاحب المقراة هل ترد السباع هذه المقراة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا صاحب المقراة لا تخبره فإنه متكلف".
قوله:"قيل والأحكام ضروب"
أقول: أراد المصنف رحمه الله أن يتعرض ها هنا لاختلاف الأحكام باعتبار المسوغات للعمل بها وجعلها ضروبا أربعة كما تراه قاصدا لتعريف طالب هذا العلم بهذه الجملة التي ستأتي مفصلة في أبوابها من هذا الكتاب.
وسنتكلم إن شاء الله على كل فرد من أفرادها في بابه الخاص فإن الكلام عليها هنا يحتاج إلي بسط طويل يخرجنا عن المقصود ولكنا نعرفك ها هنا بقضية كلية تفيدك في كل باب وهي أن الشيء إذا كان حكمه معلوما بالرجوع إلي ما هو الأصل فيه فلا يجوز الانتقال عن ذلك الأصل إلا بسموغ جعله الشارع صالحا للانتقال فإن اعتبر الشارع في ذلك المسوغ العلم فلا يصلح للنقل إلا العلم وإن اعتبر الظن كان الظن صالحا لذلك والاعتبار بما يصدق عليه مسمى الظن وأما تقسيم الظن إلي هذه الأقسام فهو مما لا يدل عليه دليل ولا ثبت في شأنه ما يصلح للتعويل عليه والرجوع إليه.
ولا شك أن الظن في نفسه يكون قويا في بعض الأحوال وضعيفا في بعض آخر بحسب قوة ما أفاده وضعفه ولكن المصير في كونه ظنا أن يكون تجويزا راجحا على مقابله وبذلك يمتاز عن الشك.
فما ورد فيه تجويز العمل بالظن أو إيجابه كفى فيه ما يصدق عليه أنه ظن.
وأما كونه لا يجوز العمل به في بعض المواضع إلا بشرط أن يكون مقاربا للعلم ويجوز العمل به في بعض آخر وإن لم يكن كذلك فهذا لم يرد ما يدل عليه.
ثم وصفه للظن بالغالب إن أراد أنه غالب بما قابله فهو لا يكون ظنا إلا بذلك لأنه إذا سأواه ولم يغلبه فهو الشك وإن أراد بالغالب مرتبة من مراتب الظن فلم يكن ذلك إلا مجرد اصطلاح لم تدل عليه لغة العرب ولا وافق اصطلاح أهل الأصول وإن كان معلوما بالدليل كان الدليل الوارد على خلاف ما دل عليه ذلك الدليل أما ناسخا إن تأخر عنه تاريخا أو مقيدا لاطلاقه أو مخصصا لعمومه إن كان أحدهما مطلقا والآخر مقيدا أو أحدهما عأما والآخر خاصا ولا يصار إلي التعارض مع إمكان الجمع بوجه مقبول معتبر.
فهكذا ينبغي ان يكون الكلام في هذا المقام وأما قوله:"وضرب يستصحب فيه الحال وضرب عكسه" فاستصحاب الحال متعين عند من قال بدليل الاستصحاب والكلام في ذلك معروف في الأصول.
ولا ريب أنا إذا علمنا وجود الشيء مثلا أو وجود صفة من صفاته قائمة به فليس لنا أن ننتقل عن ذلك إلا بما يفيد أنه قد صار ذلك الشيء غير موجود أو صارت تلك الصفة التي كانت قائمة به غير قائمة به.
لكنه إذا ورد الدليل الدال على عدم العمل بالاستصحاب كما في حديث: "لا حتى يختلف