وبعدها اضطرارا فيلزم دم التأخير ولا توقيت لما عداها واختياري مكانها مني ومكان دم العمرة مكة واضطراريهما الحرم وهو مكان ما سواهما الا الصوم ودم السعي فحيث شاء.
وجميع الدماء من رأس المال ومصرفها الفقراء كالزكاة الا دم القران والتمتع والتطوع فمن شاء وله الأكل منها ولا تصرف الا بعد الذبح وللمصرف فيها كل تصرف] .
قوله:"فصل ووقت دم القرآن" الخ.
أقول: إن كان جعل أيام النحر وقت اختيار لدليل يدل على ذلك فما هو فإن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم انه نحر هديه يوم النحر وامر من معه بالنحر في يوم النحر فكان ينبغي ان يكون يوم النحر هو وقت الاختيار ثم إذا خرج هذا الوقت كان إجزاء النحر فيما بعده محتاجا إلي دليل وليس كل عبادة تقضى لكن يقال ان لأعذار حكمها وان من تعذر عليه النحر في يوم النحر كان الوقت ممتدا في حقه كامتداد وقت الأضحية لحديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيام التشريق ذبخ"، أخرجه أحمد "٤/٨٢"، وبان حبان في صحيحه والبيهقي وأخرج نحوه ابن عدي من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف وأخرج نحوه أيضا ابن أبي حاتم من حديث أبي سعيد وهو ضعيف.
وأما كون وقت الاضطرار بعد أيام التشريق فهذا يحتاج إلي دليل لأنه تعيين وقت لعبادة من العبادات وذلك لا يثبت بمجرد الرأي فإن قام الدليل على ذلك فلا وجه لايجاب دم التأخير وقد قدمنا البحث عن هذا.
وأما قوله:"ولا توقيت لما عداها" فإذا قد ثبت وجوب الدم غير مقيد بوقت فالأمر كذلك وهكذا لا دليل لجعل مكانين اختياري واضطراري لدم العمرة بل مكان جميع الدماء مني وفجاج مكة ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: "إن منى كلها منحر وإن فجاج مكة طريق ومنحر".
وأما استثناء الصوم فإن كان المراد به الذي قال الله سبحانه فيه:{وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة: ١٩٦] ، فظاهر وإن كان سائر أنواع الصوم التي تلزم من لم يجد الدم فلم يرد دليل يدل على تعيين وقتها.
وأما دم السعي فحكمه حكم سائر الدماء زمانا ومكانا ولا وجه لاستثنائه.
وأما كون جميع الدماء من رأس المال فهكذا ينبغي ان يكون لانها لزمت من هي عليه فوجب تخليصها من ماله ولا وجه لاخراجها من الثلث فإن الامور التي وردت ان مخرجها من الثلث هي امور مخصوصة معروفة لزمت بالوصية أو لنذر أو نحوهما.
قوله:"ومصرفه الفقراء كالزكاة".
أقول: الظاهر عدم الفرق بين هذه الدماء ودم القران أو التمتع أو التطوع انه يجوز الأكل منها لمن هي عليه لقوله تعالي: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج: ٣٦] ، وقوله تعالي: