قيس بأن تنكح اسامة بن زيد بعد ان خطبها أبو جهم ومعأوية لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخطبها لأسامة بل أشار عليها به بعد ان استشارته وبين لها ان معأوية صعلوك وأبا جهم لا يضع عصاه عن عاتقه وانه ضراب للنساء والامر اليها في ذلك.
وفي رواية في صحيح [مسلم "٣٦/١٤٨٠" أبو داود "٢٢٨٤"، الترمذي "١١٣٥"، النسائي "٦/٧٥ – ٧٦"، ابن ماجة "١٨٦٩"، أحمد "٦/٤١١"، ٤١٢"] ، وغيره ان اسامة قد كان خطبها معهما وان الثلاثة خطبوها فأشار عليها النبي صلى الله عليه وسلم به وهذا يوضح لك عدم الاختلاف بين هذا الحديث واحاديث تحريم الخطبة على الخطية.
قوله: "وفي العدة الا التعريض في المبتوتة".
أقول: يدل على هذا قوله عز وجل: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}[البقرة: ٢٣٥] ، فإنه يفيد انه لا يجوز التصريح بالخطبة ويجوز التعريض ثم نهاهم عن أن يواعدوهن سرا فقال:{وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} على ما في معنى هذه المواعدة من الاختلاف ثم استثنى من هذا فقال: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً}[البقرة: ٢٣٥] .
فالحاصل انه لم يبح سبحانه الا التعريض والقول المعروف فكان التصريح بالخطبة للمعتدة أو ذكر شيء مستهجن في مكالمتها غير جائز وقد كان هذا امرا متقررا معروفا عندهم كما يدل عليه ما أخرجه الدارقطني عن سكينة بنت حنظلة قالت استأذن على محمد بن علي ولم تنقض عدتي مهلكة زوجي فقال قد عرفت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابتي من علي وموضعي من العرب قلت غفر الله لك يا أبا جعفر إنك رجل يؤخذ عنك وتخطبني في عدتي فقال إنما اخبرتك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن علي وقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي متأيمة من أبي سلمة فقال: "لقد علمت أني رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرته من خلقه وموضعي من قومي" أكانت تلك خطبة؟.
ثم اعلم أنه لا فرق في المنع من التصريح للمعتدة بالخطبة بين ان تكون في عدة طلاق رجعي أو بائن أو في عدة الوفاة ولا وجه للتعليل بأن الرجعية لم ينقطع حق زوجها بخلاف غيرها لان الدليل لم يفصل بين عدة وعدة.
قوله: "وندب عقده في المسجد".
أقول: إن انتهض حديث: "واجعلوه في المساجد" للحجية فأقل احوال هذا الامر الندب والا فالمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة فلا يجوز فيها غير ذلك الا بدليل يخصص هذا العموم كما وقع من لعب الحبشة بحرابهم في مسجده صلى الله عليه وسلم وهو نيظر وكما قرر من كانوا يتناشدون الاشعار فيه.
قوله: "والنثار وانتهابه".
أقول: لم يثبت في هذا شيء والحديث المروي في ذلك قد تكلمنا عليه في كتابنا الذي سميناه الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة وقد ذكره ابن حجر في التلخيص وعزاه إلي