على الاخرى وتحريم وطئها داخلا تحت عموم الآية لأن الوطء مقصود ومجرد عقدالنكاح مقصود وهذه الآية لم يرد ما يعارضها أو يخصصها.
وأما قوله عز وجل: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] ، فالمراد به جواز ما جوزه الشرع ولهذا وقع الاجماع على أنه لا يجوز للمالكة ان يطأها مملوكها ولا للمالك ان يطأه مملوكه وقد حكى ابن عبد البر اجماع الصحابة والتابعين ان هذه الآية خاصة بالرجال دون النساء ثم قوله عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} مدنية وقوله سبحانه: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] مكية.
وأما قوله: "ومن فعل اعتزلهما حتى يزيل أحدهما نافذا" فلكونه لا يخلص عن الجمع المحرم الا بذلك ولا بد ان يكون على وجه يمتنع منه جواز وطئها ما دامت اختها في ملكه موطوءة له.
وأما قوله: "ومن دلست على حر فله الفسخ" فوجه ذلك أنه لم يرض بأن تكون زوجه الا على انها حرة لما عليه من التبعة في أولاده بلحوقهم بامهم حيث هي امة مملوكة عند القائل بذلك ولا سيما إذا كان يستطيع نكاح الحرة فإن تدليسها عليه قد أوقعه فيما لا يجوز له.
وأما لزوم مهرها فهو بما استحل من فرجها وهكذا لحوق ولدها به لأنه لم يرض بنكاحها أمة حتى يلحق الأولاد بها ولا وجه لتسليم قيمة الولد إلي السيد.
وأما كون الامة تصير اليه بجنايتها فإن اختار السيد ذلك فهو إليه لأن جناية المماليك متعلقة برقابهم لكن هذا مبني على أنه قد لحقه غرم بتدليسها وهو تسليم قيمة الولد إلي السيد ولا دليل يدل على ذلك.
قوله: "الاختلاف إذا اختلفا فالقول لمنكر العقد".
أقول: لان المدعى لوقوعه هو مدعي ما هو خلاف الاصل من عدم الوقوع وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: "أن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين" وإذا اتفقا على وقوع العقد وادعى احدهما أنه تعقب ذلك وقوع الفسخ له فهو يدعى خلاف ما هو الظاهر وبهذا القدر يصير مدعيا ويصير المنكر منكرا وعلى المدعى البينة وعلى المنكر اليمين.
وهكذا الكلام فيمن ادعى فساده بعد الاتفاق على وقوعه وأما كون البينة علىمن تدعى ان العقد من أبيها وقع عليها في الكبر وأنها لم ترض فوجهه انها قد ادعت شيئين الاصل يخالفهما الأول منهما ان العقد عليها وقع بعد ان انتقلت من صفة الصغر إلي صفة الكبر.
والثاني: انها لم ترض.
لا يقال الاصل عدم الرضا فيكون القول قولها لأنا نقول الظاهر يدفعه لأنها قد ادعت وقوع العقد في الكبر وكونها لم ترض هو خلاف ما هو الظاهر.
وأما قوله: "لا في الصغر فافسخ" الخ فوجهه ما قدمنا من ان الاصل عدم الانتقال من صفة الصغر إلي صفة الكبر.