مجهول فلا تقوم به حجة ولم يرد في بيت المقدس غيره وقد نقل الخطأبي الإجماع على عدم تحريم استقبال بيت المقدس وقيل إنه خاص بأهل المدينة ومن هو على سمتهم لأن استقبال بيت المقدس يستلزم استدبارهم للكعبة.
وأما ما قيل من أن بيت المقدس يكون له حكم الكعبة بالقياس فهذا القياس من أبطل الباطلات لأنه إن كان الجامع الشرف لزم ذلك في كل محل شريف وإن تفأوت الشرف ويدخل في ذلك دخولا أوليا مسجده صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء ونحوهما وإن كان ذلك بجامع أن بيت المقدس قد كان قبلة قبل استقبال الكعبة فقد نسخ ذلك وإن كان ذلك لكونه تستقبله اليهود فقد تقرر في الشريعة الأمر بمخالفتهم وأن ذلك شريعة ثابتة وسنة قائمة.
وأما استقبال القمرين فهذا من غرائب أهل الفروع فإنه لم يدل على ذلك دليل لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف وما روي في ذلك فهو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رواية الكذأبين وإن كان ذلك بالقياس على القبلة فقد اتسع الخرق على الراقع ويقال لهذا القائس ما هكذا تورد يا سعد الإبل وأعجب من هذا إلحاق النجوم النيرات بالقمرين فإن الأصل باطل فكيف بالفرع وكان ينبغي لهذا القائس أن يلحق السماء فإن لها شرفا عظيما لكونها مستقر الملائكة ثم يلحق الأرض لأنها مكان العبادات والطاعات ومستقر عباد الله الصالحين فحينئذ يضيق على قاضي الحاجة الأرض بما رحبت ويحتاج أن يخرج عن هذا العالم عند قضاء الحاجة.
وسبحان الله ما يفعل التسأهل في إثبات أحكام الله من الأمور التي يبكي لها تارة ويضحك منها أخرى.
قوله:"وإطالة القعود".
أقول: هذا إن كان مرجعه الشرع كما هو شأن من يتكلم في الأحكام الشرعية فلا شرع وإن كان مرجعه الطب فليس هذا الكتاب مدونا لذلك ومما يضحك منه التمسك بما روي عن لقمان الحكيم أنه يورث الباسور.
فيا لله العجب ممن لا يتحاشى عن تدوين مثل هذا الكلام في كتب الهداية.
ولقد أبعد النجعة من اعتمد في مثل هذه المسألة الشرعية على لقمان الحكيم.
قوله:"ويجوز في خراب لا مالك له".
أقول: إذا لم يكن له مالك فلا حاجة إلي بيان الجواز فإنه جائز بلا شك ولا شبهة. ولو أردنا أن نعدد الأمكنة التي يجوز قضاء الحاجة فيها لطال ذلك وإنما ينبغي الاقتصار على ذكر ما لا يجوز فيه فيعرف بذلك
أنه جائز فيما عداه كما يفعله المصنفون في مثل هذه الفنون.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ومن بعدهم يقضون الحاجة في المواطن المملوكة للغير من غير استئذان إذا كانت خالية ولم يكن وقت سقوط ثمارها وقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وقضى حاجته فيه.