للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعدد لا بعطف فالحكم للأول وإن تأخر وقوعه إن تقدم الجزاء فإن تأخر أو عطف المتعدد بأو أو بالوأو مع إن فلواحد.

وينحل وبالوأو لمجموعه] .

قوله: "كتاب الطلاق إنما يصح من زوج".

أقول: الايات القرآنية والاحاديث النبوية الواردة في الطلاق هي كلها مصرحة بأن الطلاق هو الواقع من الازواج ولم يرد غير هذا حتى يحتاج إلي الكلام عليه فمن ادعى أنه يصح طلاق من غير زوج فعليه البرهان فإن نهض به والا كانت دعواه ردا عليه.

وأما ما ورد في التخيير والتوكيل فهو كائن من جهة الزوج فأنه إذا خير زوجته فقد جعل الامر الذي هو اليه اليها وهكذا إذا وكل وكيلا يطلق زوجته.

وإذا تقرر لك هذا عرفت أنه لا حاجة إلي الاستدلال على كون الطلاق إنما يصح من الزوج بالاحاديث التي لا تقوم بها حجة كحديث: "الطلاق لمن أمسك بالساق" "ابن ماجة ٢٠٨١".

نعم يجب على الزوج إذا امره ابوه ان يطلق امرأته ان يطيعه ويطلقها لما أخرجه أحمد وابو دأود والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح من حديث ابن عمر قال كان تحتي امراة احبها وكان أبي يكرهها فأمرني ان اطلقها فأبيت فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك"، فهذا الحديث فيه أنه يجب على الزوج ان يطلق امرأته إذا امره ابوه بذلك وفيه أيضا دليل على أنه لا يصح الطلاق الا من الزوج فإنه لو كان يصح من غيره لكان الاب احق بذلك فإذا لم يصح من الاب لم يصح من غيره بفحوى الخطاب.

وأما ما روى عن ابن عباس أنه يقع طلاق السيد على عبده فهو قول صحأبي لا تقوم به حجة مع أنه قد روى هو نفسه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف قوله هذا في حديث العبد الذي قال يا رسول الله سيدي زوجني امته وهو يريد ان يفرق بيني وبينها فقال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق"، أخرجه ابن ماجه والدارقطني والطبراني وابن عدي وفي إسناده ابن لهيعة.

قوله: "مختار".

أقول: الأقوال والأفعال الصادرة على وجه الاكراه قد دلت ادلة الشرع الكلية والجزئية على أنه لا يترتب عليها شيء من الأحكام فإن الله سبحانه لم يجعل من كفر مكرها كافرا فقال: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] ، وإذا كان الاكراه مبطلا للكفر بالله والاشراك فما ظنك بغيره وقال الله سبحانه: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: ٢٨٦] ، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما دعاه عباده بهذه الدعوات قال: "قد فعلت".

فالمكره لو كلف بما أكره به ويثبت عليه أحكامه لكان قد حمل مالا طاقة له به ومن هذا

<<  <   >  >>