للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: الذي دل على هذا الطلاق المسمى بطلاق السنة هو حديث ابن عمر الذي قدمنا ذكر بعض طرقه وقد ورد فيه في رواية في الصحيحين [البخاري "٤٩٠٨، ٧١٦٠"، مسلم "٤/١٤٧١"] ، وغيرهما [أحمد "٢/٢٦، ٥٨، ٨١، ١٣٠"، الترمذي "١١٧٦"] : وكان عبد الله طلق تطليقة فحسبت من طلاقها.

وفي رواية لمسلم وأحمد والنسائي أن ابن عمر كان إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم امرني بهذا وإن كنت قد طلقت ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت الله عز وجل فيما امرك به من طلاق امرأتك.

وفي لفظ في الصحيحين وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مره فليراجعها".

وفي لفظ للبخاري عن ابن عمر أنه قال: "حسبت علي بتطليقه".

فهذه الروايات تدل على وقوع البدعي وقد ذهب إلي ذلك الجمهور واستدل القائلون بعدم وقوعه بما أخرجه أحمد وأبو دأود والنسائي عن ابن عمر بلفظ فردها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرها شيئا ورجال هذا الحديث رجال الصحيح قال ابن حجر وإسناده هذه الزيادة على شرط الصحيح وقال ابن القيم إن هذا الحديث صحيح قال الخطابي قال أهل الحديث لم يرو أبو الزبير انكر من هذا الحديث وقد يحتمل ان يكون معناه ولم يرها شيئا يحرم معه المراجعة ولم يرها شيئا جائزا في السنة ماضيا في الاختيار.

وقال ابن عبد البر قوله لم يرها شيئا منكر لم يقله غير أبي الزبير وليس بحجة فيما خالفه فيه مثله فكيف إذا خالفه من هو أوثق منه ولو صح فمعناه عندي والله أعلم ولم يرها شيئا مستقيما لكونها لم تكن على السنة.

وقال أبو دأود بعد إخراجه لهذه الزيادة روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعة واحاديثهم على خلاف ما قال أبو الزبير.

وبهذا تعرف ان القول بوقوع البدعي ارجح ويؤيد هذا أنه أخرج ابن وهب في مسنده عن ابن أبي ذئب أنه قال في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وهي واحدة"، وقال ابن أبي ذئب وحدثني حنظلة بن أبي سفيان سمع سالما يحدث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأخرجه الدارقطني عن يزيد بن هرون عن بن أبي ذئب وأبي اسحق جميعا عن نافع عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: "هي واحدة".

وأخرج الدارقطني أيضا من رواية سعيد عن أنس بن سيرين عن ابن عمر في القصة فقال عمر: يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: "نعم".

وقد حررت هذا البحث في رسالة مستقلة.

قوله: "ونقى أحد النقيضين إثبات للآخر".

أقول: يعني حيث نفاهما معا فإن نفى الأول يكون اثباتا للآخر فإذا قال هي طالق لا

<<  <   >  >>