للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذكورين تكون قبل أولهما ولا وجه لجعلها مختصة بقبلية الاخر فإذا دخل أولهما وقد مضى من وقت التكلم شهر فصاعدا كشف عن وقوع الطلاق قبله الشهر وأما إذا دخل أولهما قبل مضى شهر فالظاهر عدم وقوع الطلاق كما لو قال انت طالق امس.

قوله: "ويدخله الدور".

أقول: الدور هو عدم تناهي التوقفات في أمور متناهية كأن يتوقف كل واحد من الامرين على الاخر مثلا فلا ينجز واحد منهما لأنه متوقف على الاخر والاخر متوقف عليه فهذا المطلق الذي جاء في طلاقه بما يقتضي الدور لم يرد ايقاع الطلاق فلا يقع طلاقه لعدم أرادته ولعدم اقتضاء ما جاء به من الدور للوقوع فمن قال إنه يقع الطلاق المشتمل على الدور فهو لم يصب لأنه إن أراد وقوعه من حيث الصيغة فهي متمانعة كما هو شأن الدور وإن أراد وقوعه من حيث الأرادة فهو بحث آخر.

وأما قوله: "ولا يصح التحبيس" فهو راجع على ما قدره من أنه يدخله الدور بالنقض لأنه صادق على التحبيس معنى الدور فإن قوله في مثاله وهو تى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا قد جعل هذا الطلاق متوقفا على وقوع الثلاث ووقوع الثلاث متوقفا على وقوع الطلاق وهذا هو الدور لصدق حقيقته التي قدمنا ذكرها عليه فلا عذر لمن قال بأنه يدخل الطلاق احدهما ان يقول بعدم دخول الاخر.

ومن قال بعدم دخول الطلاق احدهما ان يقول بدخول الاخر والحاصل ان الطلاق الذي وقع على هذه الصفة ينبغي الرجوع إلي مدلول لفظه وقد وجدنا اللفظ الذي جاء به متمانعا لا يقع بعضه الا بوقوع البعض الاخر فلا يجوز لنا ان نحكم بالوقوع لأنه حكم على الزوج بغير ما تكلم به وتفويت لزوجته وإخراج لها من عقد نكاحه بغير صدور ما يدل على ذلك منه فالحكم بالوقوع فيه ظلم له من هذه الحيثية.

وأما استدلال من ابطل الدور والتحبيس بأن ذلك بدعة وأنه على غير ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يلزم منه ان يمتنع منه إيقاع الطلاق عليها دائما وهو مأذون به فهو استدلال لشيء آخر وقد عرفت ان الله سبحانه جعل الطلاق بيد الازواج فلهم ان يطلقوا متى شاءوا ولهم ان لا يطلقوا ابدا وهذا الذي جاء بالدور قد أراد ان لا يطلق أبدا فما المانع من هذا؟

قوله: "ومهما لم يغلب وقوع الشرط لم يقع المشروط".

أقول: الاصل عدم الوقوع فلا يقع الطلاق الا إذا تيقن وقوع الشرط ولا يكفي مجرد الظن وإنما اعتبره المصنف هنا لما سيأتي من أنه يكفي الظن الغالب في النكاح تحريما ولكن الذي ينبغي ها هنا ان لا ينتقل عن الاصل الذي هو عدم وقوع الشرط الا بعلم لا بظن.

قوله: "وما أوقع على غير معين" الخ.

أقول: هذه الصور ينبغي تحقيق الكلام فيها بما يظهر به الصواب إن شاء الله.

أما الصورة الأولى أعني قوله: "وما أوقع على غير معين فإحداكن" فالمتكلم بهذا اللفظ مخاطبا به زوجاته قد أراد ايقاع الطلاق على واحدة منهن غير معينة ولم يجعل لنفسه في الامر

<<  <   >  >>