إلا بحصول المخافة منهما جميعا بأن يخاف الزوج ان لا يمسكها بالمعروف وتخاف الزوجة أن لا تطيعه كما يجب عليها.
ولكنه لما ثبت حديث ابن عباس عند البخاري وغيره ان امراة ثابت بن قيس بن شماس جاءت إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني ما اعتب عليه في خلق ولا دين ولكني اكره الكفر في الإسلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقته"، قالت نعم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، دل ذلك على ان المخافة لعدم إقامة حدود الله من طريقها كافية في جواز الاختلاع.
ولا ينافي جواز الاختلاع الاحاديث الواردة في اثم المختلعات فإن ذلك محمول على الكراهة فقط لتصريح القرأن الكريم والسنة بجواز ذلك.
وأما قوله: "أو من غيرها كيف كانت" فوجهه ان العوض لما كان من غيرها لم يشترط فيها ما يشترط حيث العوض منها ولكن كون هذا خلعا تثبت به أحكامه غير مسلم.
وأما قوله: "مع القبول أو الامتثال أو ما في حكمه" فالمراد ما يشعر بالرضا بذلك كما تقدم.
وأما المعاقدة العرفية والمحافظة على ما يفيدها فليس ذلك الا مجرد رأي فلا تشتغل بالكلام على ما تفرع على هذا إلي آخر الفصل.
[فصل
ولا يحل منها أكثر مما لزم بالعقد لها ولأولادها منه صغار ويصح على ذلك ولو مستقبلا وعلى المهر أو مثله كذلك فإن لم يكن قد دخل رجع بنصفه ونحو ذلك] .
قوله: فصل: "ولا يحل منها أكثر مما لزم بالعقد" الخ.
أقول: ظاهر القرآن يدل على هذا فإنه سبحانه قال: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً} [البقرة: ٢٢٩] إلي آخر الآية فإنها واردة في اخذ الزوج لشيء مما اتاها فإذا اخذ منها زيادة على ما أتاها فقد خالف ما في الكتاب العزيز.
ويدل على هذا أيضا ما أخرجه ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح الا ازهر بن مروان وهو مستقيم الحديث من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال لامرأة ثابت بن قيس: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم وازيده فامره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ حديقته ولا يزداد وأخرجه أيضا النسائي "٦/١٦٩"، والبيهقي. وأخرج الدارقطني عن أبي الزبير ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "أما الزيادة فلا ولكن حديقته".