وهكذا قوله:"ويسرى" لا وجه له لمثل ما ذكرنا وهكذا ما ذكره من الانسحاب فإنه ابعد عن صوب الصواب.
وأما قوله:"ويدخله التشريك" فإن أراد أن إحدى زوجتيه مشاركة للأخرى التي أوقع عليها الطلاق وان ذلك الذي أوقعه مشترك بينهما فقد عرفت ما قلناه في كسر الطلاق وهذا منه.
وإن أراد ان الاخرى طالق مع الأولى أو كما طلق الأولى فهذا صحيح لانه قد جاء بما يدل على فراق الأولى قاصدا لفراقها ثم تكلم آخرا بما يفيد ان االاخرى قد فارقها كما فارق الأولى.
وأما قوله:"والتخيير" فلا حكم له لأن التخيير في الطلاق بين هذه أو هذه لم يستقر على واحده منهما معينة ولا مبهمة فلا يقع بخلاف ما قدمنا في قوله وما أوقع على غير معين كإحداكن فإنه جازم هنا بطلاق واحدة مبهمة فقد صارت أحداهن مطلقة وهكذا ما التبس بعد تعيينه وبهذا تعرف الفرق بن هذا التخيير وبين ما تقدم.
وأما كونه يتبعه الفسخ فمحتاج إلي دليل لان المحل قد صار غير قابل فلا فرق بين الطرد والعكس.
وأما اعتبار المجلس في المعقود على مال فقد عرفناك ما هو الصواب فيما تقدم.
قوله:"كولا ينهدم الا ثلاثة".
أقول: وجه تخصيص الانهدام بالثلاث لا بما دونها انها مورد النص فإن الله سبحانه قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠] ، أي فإن طلق مرة ثانية من طلقها مرتين فلا تحل له بعد هذا التثليث حتى تنكح زوجا غيره فإن نكحت زوجا غيره حلت له والظاهر انها تحل له حلا مطلقا فيملك عليها من الطلاق ما يملكه لو نكحها ابتداء.
وإذا عرفت ان التثليث هو مورد النصف فاعلم أنه لم يرد في شيء من الكتاب والسنة ما يدل على انها إذا نكحت زوجا غيره بعد طلقة أو تطليقتين ان الطلقة أو الطلقتين يكون لها حكم الثلاث في الانهدام لكن ها هنا قياس قوي هو القياس الذي يسمونه قياس الأولى وتارة يسمونه فحوى الخطاب فإنه يدل على ان انهدام ما دون الثلاث مأخوذ من الآية بطريق الأولى ويعضد هذا ان الاحتساب بما وقع من طلاق الزوج عليها بعد ان نكحت زوجا غيره خلاف ما يوجبه الحل المفهوم من قوله:{فَلا تَحِلُّ لَهُ}[البقرة: ٢٣٠] ، فإن ظاهره انها تحل له الحل الذي يكون للزوج على زوجته لو تزوجها ابتداء.
وأما انهدام الشرط فالظاهر أنه ينهدم بنكاحها للغير سواء كان ذلك بعد طلاق الثلاث أو بعد اقل منها لانها لما تزوجت بالغير كان هذا الشرط في حكم العدم ودخلت تحت قوله صلى الله عليه وسلم:"لا طلاق قبل نكاح"، [أبو داود "٢١٩٠"، الترمذي "١١٨١"، ابن ماجة "١/٦٦٠"، أحمد "٢/١٨٩، ١٩٠، ٢٠٧"] ، ولو قلنا إنه يقع الطلاق بوقوع الشرط إذا صادف كونها زوجة له بعد نكاح زوج آخر لها لكان هذا مما يصدق عليه أنه من الطلاق قبل النكاح وإن كان تعليقه وهي زوجة له لكنها قد