عازما على رجعتها لحقه من الغضاضة والغيرة ما يلحقه عليها قبل طلاقها الا ان يكون الخروج للحاجة فقد ثبت تجويز ذلك للمطلقة ثلاثا مع عدم تجويز الرجعة كما في حديث جابر عند مسلم وغيره قال: طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجد نخلا لها فلقيها رجل فنهاها وأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها: "أخرجي فجدي نخلك لعلك ان تصدقي منه أو تفعلي خيرا".
قوله:"والتزين".
أقول: لا وجه لهذا الا إذا كانت تقدر اطلاع الزوج عليها في تلك الحال بأن يصل اليها لمراجعتها فيكون في تزينها زيادة في الترغيب له في مراجعتها فإن بقاءهما على النكاح ورجوعهما إلي ما كانا عليه مع عدم ما يقتضي الفرقة هو من الامور المندوب اليها فيكون فيما يرغب اليه طرف من الندب ونوع من القربة وهكذا التعرض منها لداعي الرجعة بان تذكره بحسن العشرة وثنى عليه بما يقتضى عطفه عليها ومراجعته لها وتنشر محاسنه التي عرفتها منه عند من يبلغه ذلك فإن هذا من أعظم ما يدعوه إلي مراجعتها.
وليس المراد بالتعرض لذلك هو بروزها له والتعرض لرؤيته لها فإن ذلك أمر قد منع منه الطلاق.
قوله:"والانتقال إلي عدة الوفاة".
أقول: ليس على هذا دليل ولا هو رأي مستقيم فإنه مات من كان زوجها وهي في عدة طلاقه ولم يتجدد له ولا لها ما يخالف ذلك حتى يكون وجها للانتقال من هذه العدة المتيقنة إلي مالا يوجبه عليها شرع ولا عقل وكونها ترثه إذا مات وهي في هذه العدة لا يستلزم ان يتجدد عليها عدة اخرى لانها إنما ورثته بكونها باقية في عدة طلاقه الرجعي فتستمر على تمام عدتها وليس عليها غير ذلك.
وأما وجوب استئناف العدة لو راجع ثم طلق فهذا أمر معلوم لا يحتاج إلي ذكره لأنها قد رجعت بالرجعة إلي نكاح جديد بعد ان خرجت من الأول بتلك الطلقة التي هي محسوبة عليه فإذا خرجت من نكاحه بطلقة اخرى توجه عليها ما شرعه الله للمطلقات بنصوص الكتاب والسنة ومن خالف في هذا فقد جاء بما يخرق الاجماع ويخالف الأدلة القطعية.
قوله:"ووجوب السكنى".
أقول: يدل على هذا ما أخرجه أحمد والنسائي من حديث فاطمة بنت قيس قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن زوجي فلانا ارسل الي بطلاق وإني سألت أهله النفقة والسكنى فابوا على فقالوا يا رسول الله إنه ارسل اليها بثلاث تطليقات قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة"، وفي إسناده مجالد بن سعيد وفيه ضعف وقد تابعه في روايته ضعيف وذلك يقوى رواية مجالد. ويؤيد هذا الحديث ما في صحيح مسلم "٤٤/٤٨٠"، وغيره [أحمد "٦/٤١١، ٤١٢، أبو داود