للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كله ان الله سبحانه قال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] ، فإذا وقت بالموت فهو غاية ماله من الحياة ولكن بعد مضى الاربعة ترافعه وإذا وقت بما فوق الاربعة رافعته عند انقضاء الاربعة وهذا مبني على أنه لا يصح التوقيت بدون الاربعة وأنه لا يكون ايلاء الا بذلك والاية غير واردة في هذا المعنى بل واردة في معنى مدة الامهال للمولى وانها تجوز للمرأة المرافعة بعد الاربعة الاشهر لما في الزيادة عليها من الاضرار بها.

وقد ثبت في الصحيح [البخاري "٩/٣٠٠"، مسلم "٢٥/١٠٨٥"] ، ان النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ان لا يدخل على نسائه شهرا فلو كان ما في القرآن بيانا للمدة التي لا يجوز ان يكون وقت الايلاء دونها لم يقع منه صلى الله عليه وسلم الايلاء شهرا فعرفت بهذا ان هذه المدة ليست الا لعدم جواز التوقيت بزيادة عليها وأنه يجوز للمرأة المرافعة بعدها.

وأما قوله: "وكلهن مع اللبس" فظاهر لأنه قد جاء بما يحتمل ان كل واحده منهن محلوف منها على انفرادها فلا يجوز قربان إحداهن الا بعد انجلاء اليمين وأما كونه يحبس حتى يطلق أو يفيء فوجهه أنه لا يرتفع الضرار عن الزوجة الا بذلك وقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عمر قال إذا مضت اربعة اشهر يوقف حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق قال البخاري ويذكر ذلك عن عثمان وعلى وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرج أحمد بن حنبل عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر انهم قالوا يوقف المولى بعد الاربعة فأما ان يفيء وأما ان يطلق.

وأخرج الدارقطني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال سألت اثني عشر رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يولى قالوا ليس عليه شيء حتى تمضي اربعة اشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق.

قوله: "والقادر بالوطء" الخ.

أقول: الظاهر ان قوله عز وجل: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦] ، معناه الرجوع كما يفيد ذلك اللغة فمعنى فاءوا رجعوا إلي ما كانوا عليه وحللوا ما وقع منهم من اليمين بالتكفير عنها وذلك أمر يكفي فيه العزم عليه والقصد اليه ولا يعتبر وطء ولا لفظ وبهذا يعرف أنه لا وجه لقول المصنف رحمه الله ويكلفه متى قدر ولا إمهال الخ.

وأما قوله: "ويتقيد بالشرط" فصحيح لأنه يمينه هذه كلام من جملة الكلام الذي يقبل التقييد بالشرط والاستثناء ولا مانع من ذلك.

وأما كونه لا يصح التفكير الا بعدالوطء فوجهه ان الكفارة تلزم بالحنث والمحلوف عليه هو الوطء فلاتلزمه الكفارة الا بعد الحنث بفعل ما حلف عليه أنه لا يفعله.

وأما قوله: "ويهدمه لا الكفارة التثليث" فلا وجه له إذ لا مدخل للتثليث في رفع هذه اليمين إلا أن يريد أنها لا ترافعه إذا انقضت الاربعة الاشهر وقد صارت مثلثة فهذا صحيح لأنه

<<  <   >  >>