التمر من بطن من اليهود يقال لهم بنو قينقاع وأبيعه بربح فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يا عثمان إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل"، قال في مجمع الزوايد إسناده حسن انتهى وقد أخرج البخاري "٤/٣٤٣، ٣٤٤"، منه كلام النبي صلى الله عليه وسلم بغير إسناد ومعنى الحديث هذا من اشترى طعأما بكيل ثم أراد أن يبيعه فلا يكفيه الكيل الواقع عن شرائه بل لا بد أن يكيله عند بيعه منه إلي مشتر يشتريه منه وسبب هذا الأمر منه صلى الله عليه وسلم المخافة من الوقوع في مظنه الربا إذا وقع البيع بعد البيع وكان مثلا من بيع الطعام بالطعام لتجويز النقص بأي سبب وأيضا مجرد تجويز النقص من غير نظر إلي مظنة الربا يكفي لأنه يصير جزءا من بيع الغرر ولهذا وجب على نفس المتبايعين أن يكيله كل واحد منهما وإن لم يبعه إلي آخر كما في الحديث الأول وقد ذهب الجمهور إلي أن من اشترى شيئا مكايلة وقبضه ثم باعه إلي غيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا.
وأما قوله:"إلا المزروع" فإن كانت العلة هى تجويز النقص فذلك كائن في المذروع كما هو كائن في المكيل وإن كان التجويز في المكيل أكثر وإن كانت العلة مظنة الربا فلا وجود لها في المذروع والقياس الوقوف على محل النص وهو المكيل لعدم وجود ما يقتضي الإلحاق بالقياس إلحاقا صحيحا.
قوله:"ويستحق القبض بإذن البائع" الخ.
أقول: يستحق القبض بوقوع المناط الشرعي وهو التراضي لأنه بذلك قد خرج عن ملك بائعه ودخل في ملك مشتريه ولكن للبائع حبسه بيده حتى يستوفي ثمنه ولا وجه للتفرقة بين صحيح وفاسد فإن المعتبر المناط المذكور.
وأما قوله:"ولا يمنع منه إلا ذو حق" فقد عرفناك فيما تقدم أن الإجارة تبطل البيع.
وأما قوله:"لا الغاصب والسارق" فيدهما يد عدوان وعليهما رده إلي يد من قد استقر الملك له.