للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"٤/٣٣٧"، مسلم "١٥٣٣"، وغيرهما أبو داود "٣٥٠٠"، النسائي "٤٤٨٤"، أحمد "٥٠٣٦، ٥٤٠٥، ٥٢٧١، ٥٥١٥، ٥٥٦١، ٥٨٥٤"] ، قال: ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع, فقال: "ما بايعت فقل: لا خلابة"، فإن هذا وإن لم يكن بلفظ الشرط ففيه معنى الشرط فيصح هذا الشرط ولا يبطل به البيع فعرفت بمجموع ما ذكرناه أن الشروط الواقعة في العقد لا تقتضي الفساد بل هي أما باطلة في نفسها لكون ذكرها كعدمها أو صحيحة معمول بها هي والعقد إلا ما كان منها مقتضيا للوقوع في الغرر الذي يحصل عنده التردد وعدم العلم بالحقيقة فإن ذلك لا يتحقق معه التراضي الذي هو المناط في المعاملات الشرعية وليس عدم الصحة لمجرد الشرط بل لاقتضائه الوقوع في بيع الغرر المنهي عنه حسبما قدمنا.

وبهذا تعرف أن لا فرق في الشروط بين صريحها ومستقبلها وحاليها وعقدها فإن كل ما سلم منها من الجهالة الموقعة في بيع الغرر فهو غير مؤثر في المناط الذى هو التراضي ولا منع من أن يحصل التراضي على انتقال الملك من ملك البائع إلي ملك المشتري بعد شهر أو سنة أو أكثر إذا كان مما لا يجوز فيه المصير إلي صفة غير الصفة التي كان عليها عند التراضي كالأراضي ونحوها من الأعيان التى لا تتغير بمضي مدة من الزمان عليها فإن هذا تجارة عن تراض أباحها الشرع ولم يرد ما يدل على المنع منها لا من شرع ولا عقل وهذا التحقيق يبصرك في جمع ما ذكره المصنف رحمه الله من الصور والأمثلة فما كان منها مستلزما للجهالة في المبيع الموجبة لبيع الغرر فهو ممنوع وما لم يكن كذلك فلا اعتبار به بل هو أما باطل في نفسه غير مؤثر في البيع كالشروط المستلزمة لرفع موجب العقد المخالفة لما يقتضيه كما يفيد ذلك حديث بريرة أو هو صحيح في نفسه مع صحة العقد وهو ما يرجع إليه منها إلي حديث جابر وحديث ابن عمر في شرط عدم الخداع فلا نطول الكلام على هذه الصورة التي ذكرها المصنف فإن في هذا البحث ما يغني عن ذلك.

قوله: "كشرطين في بيع أو بيعتين في بيع".

أقول: أما الشرطان في بيع فقد قدمنا ما ورد في النهي عنه وأما البيعتان في بيع فلحديث أبي هريرة عند أحمد "٢/٤٣٢، ٤٧٥"، ٥٠٣"] ، وأبي دأود "٣٤٦١" والنسائي "٤٦٣٢"، والترمذي "١٢٣١ وصححه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من باع بيعتين في بيعة فله أو كسهما أو الربا"، وفي لفظ: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة.

وأخرج أحمد بإسناد رجاله ثقات كما قال في مجمع الزوائد من حديث ابن مسعود قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة قال سماك الراوي للحديث: هو الرجل يبيع البيع فيقول: هو بنسا بكذا أو ينقد بكذا وقد وافق سماك على هذا التفسير أحمد والشافعي فيكون معنى البيعتين في بيعة والصفقتين في صفقة هو معنى الشرطين في بيع كما قدمنا وقد روي عن الشافعي تفسير آخر فقال هو أن تقول بعتك ذا العبد بألف على أن تبيعني دارك بكذا ووجه الفساد هو ما قدمنا في شرطين في بيع من استلزام ذلك للجهالة الموجبة للغرر.

<<  <   >  >>