للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل

ويصح ولو بعد العقد لا قبله شرط الخيار مدة معلومة لهما أو لأحدهما أو لأجنبي فيتبعه الجاعل إلا لشرط ويبطل بموت صاحبه مطلقا فيتبعه المجعول له وبإمضائه ولو في غيبة الآخر وهو على خياره عكس الفسخ وأي تصرف لنفسه غير تعرف كالتقبيل والشفع والتأجير ولو إلي المشتري غالبا وبسكوته لتمام المدة عاقلا ولو جأهلا حتى انقضت] .

قوله: "ويصح ولو بعد العقد لا قبله شرط الخيار".

أقول: هذا الخيار قد جاءت به السنة الصحيحة منها ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصحابه اختر" وربما قال: "أو يكون بيع الخيار"، وفي لفظ لهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يخبر أحدهما الآخر فإن خير أجدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع" وفي لفظ لهما أيضا: "المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار" ففي هاتين الروايتين قد جعل الخيار قسيما للتفرق فإذا تفرقا فقد وجب البيع إلا أن يكون بينهما خيار فإنه لا يجب البيع إلا بالاختيار وإن تفرقا.

وقد وقع الخلاف بين أهل العلم في هذا الاستثناء كما أوضحناه في شرح المنتقى على ثلاثة أقوال وأحسنها ثالثها وهو أن المراد بهذا الاستثناء أنهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يتخايرا ولو قبل التفرق وإلا أن يكون البيع بشرط الخيار ولو بعد التفرق قال ابن حجر في الفتح وهو قول يجمع التأويلين الأولين انتهى وفي الباب أحاديث كلها تدل على ثبوت خيار الشرط ومنها قصة حبان بن منقذ التي قدمنا ذكرها فإنها مصرحة بإثبات خيار الشرط بعد التفرق.

وأما قوله: "مدة معلومة" فوجهه عدم استقرار البيع مع جهالة مدة الخيار والظاهر أنه يصح مع جهالة المدة وإذا تراخى من له الخيار عن الاختيار كان للآخر مطالبته لذلك وعند ذلك يستقر البيع أو يبطل.

وأما قوله: "لهما أو لأحدهما أو لأجنبي" فصحيح لأن الأمر مفوض إليهما أو إلي من له الخيار.

قوله: "ويبطل بموت صاحبه".

أقول: عللوا هذا البطلان بما لا يصلح له فإن الحق الذي لصاحب الخيار يثبت لوارثه لأنه من جملة ما ينقل إلي الوارث كما قدمنا وعلى تقدير أنه لم يطلع على ما يختاره مورثه فله أن يختار ما يوافقه بحكم الخلافة منه لمورثه وانتقال الحق إليه.

وأما قوله: "ويبطل بامضائه" فصحيح ولكن جعل هذا من المبطلات خلاف المعقول فإنه إذا أمضى البيع فهو معنى ما جعل له من الخيار لأنه تفويض له أن يختار أحد الأمرين أما

<<  <   >  >>