على تعمد الإتيان بالباطل بل أحسن المحامل له ولأمثاله من المشتغلين بالفروع المصنفين فيها أن يقال إنه لا إلمام لهم بالأدلة الشرعية ولا شغلوا أنفسهم بشيء منها ولهذا نفقت عندهم هذه الأباطيل وراجت على عقولهم هذه الأضاليل ولكن ما لمن كان بهذه المنزلة والتعرض للتصنيف في الأمور الدينية التي لا تؤخذ إلا عن الكتاب والسنة أو ما يرجع إليهما بوجه من وجوه الدلالة.
قوله:"والولاء".
أقول: لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم في وضوئه ولا عمن حكى وضوءه من الصحابة أنهم فرقوا بين أعضاء الوضوء وترك الموالاة بينها بل كانوا يغسلون الأول فالأول غير مشتغلين بعمل آخر فيما بين أعضاء الوضوء ولا واقفين بين غسل الأعضاء فالتفريق بدعة مخالفة لما كان عليه أمره صلى الله عليه وسلم فهي رد على فاعليها ولا يخلص فاعلها عن كونه مبتدعا ما يتمسك به من فعل صحأبي قد روي عنه ذلك كما أخرجه البيهقي عن ابن عمر أنه توضأ في السوق فغسل يديه ووجهه وذراعيه ثلاثا ثلاثا ثم دخل المسجد فمسح خفيه بعد أن جف وضوؤه وصلى.
قال البيهقي وهذا صحيح عن ابن عمر وقد علقه البخاري في الغسل ولا يخفاك أن فعل الصحأبي لا يقوم به الحجة في أقل حكم من أحكام الشرع فكيف بمثل هذا؟.
وأخرج البيهقي أيضا أن رجلا جاء إلي النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارجع فأحسن وضوءك" قال البيهقي رواه مسلم [مسلم "٣١/٢٤٣"] .
وهذا ليس فيه ما يدل على جواز التفريق بل ظاهر قوله ارجع فأحسن وضوءك أنه يعيد الوضوء من أوله.
وعلى تسليم أنه أراد بقوله فأحسن وضوءك غسل موضع ذلك المتروك من ظهر القدم فليس تكميل غسل العضو كترك غسله كله بعد غسل ما قبله حتى يمضي وقت فإن التفريق إنما يكون هكذا.
ومثل هذا ما أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي من حديث ابن مسعود أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي يغتسل من الجنابة فيخطيء بعض جسده الماء قال:"ليغسل ذلك المكان ثم ليصل" وفي اسناده عاصم بن عبد العزيز وليس بالقوي كما قال النسائي والدارقطني وقال البخاري فيه نظر.
وقد استدل صاحب فتح الباري على جواز التفريق بأن الله أوجب غسل أعضاء الوضوء فمن غسلها فقد أتى بما وجب عليه ويجاب عنه بأن هذا الغسل الذي أوجبه الله قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله سبحانه ليبين للناس ما نزل إليهم ولم يثبت عنه التفريق من فعله الدائم المستمر طول عمره ولا جاء في قوله ما يدل على ذلك بوجه من وجوه الدلالة.
قوله:"والدعاء"
أقول: لم يثبت في ذلك شيء وما روى فهو أما موضوع أو في إسناده كذاب أو متروك