تقدم في الدار فإن اشترى الأرض ولا طريق لها عالما بذلك فقد رضي بالعيب ولا رد ولا أرش وإن كان جأهلا كان له فسخها لأن ذلك عيب من أعظم العيوب بل لم ينعقد البيع من الأصل لأنه لم يرض بأرض لا طريق لها فقد كشف عدم وجود الطريق على أن الرضا السابق كلا رضا فلم يوجد المناط الشرعي الذى هو قوله عز وجل:{تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}[النساء: ٢٩] ، بلا وجه لقوله ففي ملك المشتري إن كان وإلا ففي ملك البائع إن كان بل الأعتبار لما ذكرناه من علم المشتري بعدم الطريق أو عدم علمه.
قوله:"وثابت يبقى سنة فصاعدا".
أقول: ما كان هكذا فالظاهر أنه داخل في بيع الأرض غير مستثنى ولهذا ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع"، فأفاد أن ثمرة النخل قبل أن يؤبر للمشتري وإذا كان هذا في نفس الثمرة فبالأولى الشجر الثابت الذى يراد به البقاء فلا يقال إنه دخل بالعرف بل بنفس العقد على الأرض وأما ما يقتطع منه من غصن وورق وثمر فينبغي إلحاقه بثمر النخلة فإن كان قد وقع من البائع فيه عمل كالعمل الواقع بالتأبير فهو للبائع وإلا فهو للمشتري وإذا قد فعل فيه البائع عملا كذلك فهو له ويستحق بقاءه حتى يصلح ولا يلزمه أجرة للمشتري لأن الشرع قد جعل ذلك له فلا بد من بقائه حتى يصلح لأن ذلك من تمام كونه له وإذا اختلط هذا الذي قد صار للبائع بالعمل فيه بغيره مما لا عمل له فيه كان الرجوع في ذلك إلي أهل الاختيار فإن ميزوا بينهما فذاك وإن لم يميزوا جعلوا للبائع بقدر ما يكون في أمثال ذلك المبيع وقت البيع وللمشتري ما عدا ذلك فإن التبس الأمر من كل وجه فكما قال المصنف يقسم ويبين مدعي الزيادة.
قوله:"وما استثنى أو بيع من حقه" الخ.
أقول: هذا مرجعه التراضي بين البائع والمشتري فإن تراضيا على مقدار البقاء لزم ما تراضيا عليه وإن لم يتراضيا فإن جرى عرف بين أهل بلدها بالبقاء أو عدمه كان العمل على ذلك وإن لم يحصل التراضي ولا وجد العرف رفع المستثني ما استثناه ولا حق له في البقاء وأما ما بيع مع حقه فيبقى الحق ثابتا للمشتري وإذا تلف فإن جرت الأعراف باستمرار ثبوتها للمشتري وتعويضها إذا تلفت أو بعضها كان للمشتري ذلك لأن العرف معلوم لكل واحد منهما عند العقد وإن لم يكن منها بل من التي ينتفع بها ما دامت باقية فليس للمشتري التعويض والأعراف في هذا الباب محكمة كما قدمنا وأما كون القرار لذي الأرض فشيء معلوم لا يحتاج إلي النص عليه.
وأما قوله:"وإلا وجب رفعه" فقد عرفت مما قدمنا أنه لا بد من التفصيل.
قوله:"ولا يدخل معدن".
أقول: وجه هذا أن البائع لو علم به لم تطب نفسه بالثمن الذى تراضيا عليه فقد كشف ذلك عن اختلال التراضي الذي هو المناط في نقل الأملاك وإذا اختل فلا بيع فلا بد بعد