ذكرها ها هنا ولا شك أن العاقد إذا اختل باختلال ما هو معتبر فيه صار وجود العقد منه كعدمه لأنه فاقد للحقائق إن كان صبيا أو مجنونا فلا يوجد منه الرضا المعتبر وهكذا إن كان غير مالك للمبيع ولا مأذون ببيعه فما فعله كالعدم وقد قدمنا في عقد الفضولي مما فيه كفاية وهكذا إذا لم يذكر بين المتبايعين ثمن فإنه لا يوجد التراضي المعتبر لأن البائع لا بد أن يرضى بالعوض المعلوم من الثمن والمشتري لا بد أن يرضى بذلك المبيع في مقابلة ما دفعه من الثمن وهكذا إذا لم يذكر بينهما مبيع معروف فإن ذلك التبايع منهما إنما هو من باب العبث واللعب وليس لذكر مثل هذه الأمور فائدة فأنها معلومة للعامي فضلا عمن لديه نصيب من علم.
وأما قوله:"أو صحة تملكهما" فقد قدمنا الكلام عليه مستوفى بل وقدمنا الكلام على غيره مما هو مذكور ها هنا.
قوله:"والعقد".
أقول: هو ما اجتمع فيه عند المصنف ما تقدم في أول البيع وقد عرفناك أن البيع الذي ثبت في الكتاب والسنة هو حصول التراضي وكررنا لك هذا تكريرا كثيرا لدفع ما يذكرونه مما يخالفه والبيع الذي يسمونه بيع المعاطاة ويجعلونه غير مملك هو الثمرة المستفادة لهم من تلك التى دونوها بغير دليل من عقل ولا نقل وهذه المعاطاة التي تحقق معها التراضي وطيبة النفس هى البيع الشرعي الذي أذن الله به والزيادة عليه هي من إيجاب ما لم يوجبه الشرع ولا دليل عليه وأما الاستدلال لهذا العقد الذي يعتبرونه على الصفة التى ذكروها بمثل ما ورد في النهي عن بيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة فمن الغلط البين فإن النهي عن هذه الأمور لكونها من بيع الغرر ولعدم استقرار البيع معها وعدم تحقق المناط الشرعي وهو التراضي وهكذا الاستدلال بمثل ما كان يقع في أيام النبوة من قول البائع بعت منك هذا أو نحوه فإنا لا ننازع في دلالة مثل هذا اللفظ على التراضي إنما ننازع في كونه لا يدل على التراضي إلا ما كان على تلك الصفات التى ذكروها فإن هذا من تحجر الواسع وقد قدمنا أن كل مشعر بالتراضي يحصل به البيع والشراء الشرعيان حصولا لا يخفى على عارف ولو كان بالإشارة من قادر على النطق أو بالكتابة أو بمجرد التقابض من غير لفظ أصلا إذا عرف من ذلك التراضي.
قوله:"والمال في الأول غصب...." الخ.
أقول: لا بد من تقييد الأول بأن قابض المال علم أن البائع منه ممن لا يصح بيعه أولا حكم لمن وقع منه من الرضا فلا يتحقق الاستيلاء على مال الغير عدوانا الذى هو معنى الغضب عند المصنف إلا بهذا وأما في الثاني والثالث فإذا كان القبض مأذونا فيه من جهة مالكه فلا يكون بطلان البيع مستلزما للغصب بل يكون في يد القابض كما يكون في يده ما هو مأذون له بقبضه وأما أنه يطيب له ربحه فلا لأنه مال الغير والربح ربح ما لم يضمن وقد صح النهي عنه كما قدمنا وأما كونه يبرأ من رد إليه فذلك لظاهر اليد الثابتة له وأما كونه لا يتطبق الرد إلا بالطلب فظاهر لأن الشيء في يده بأذن مالكه وهكذا عدم لزوم الأجرة له مع عدم الاستعمال لأن يده ليست يد عدوان.