شفعة"، فأي حدود بمجرد الحقوق وأي تصريف لطرقها وفي حديث آخر وفي الصحيح بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط وبهذا تعرف أن أطلاق الشيء كما في حديث "الشفعة في كل شيء"، [أبو داود "٣٥١٣، ٣٥١٤"، الترمذي "١٣٧٠"،النسائي "٤٦٤٦"، ابن ماجة "٢٤٩٢، ٢٤٩٣"، أحمد "٣/٢٩٦، ٢٧٢"، مقيد بالشيء الذي ينتقل من ملك إلي ملك ويمكن قسمته وضرب الحدود له وتصريف الطرق إليه كما صرحت بذلك الأحاديث والحاصل أنا أولا نمنع أنها شيء ونمنع ثانيا ثبوت الشفعة في شيء باق على ملك مالكه بمجرد تسليطه للغير على الانتفاع به والقيام في مقام هذين المنعين لا ينقل عنه إلا ما ينتهض للحجية من الدليل لا مجرد المرأوغة بالقال والقيل.
وأما قوله: "بعقد صحيح" فقد عرفناك أن العقود الصحيحة هى التي حصل فيها المناط الشرعي وتجردت عن المانع الشرعي فما كان كذلك ثبت في نفسه وثبتت فيه الشفعة وما لم يكن كذلك لم يثبت في نفسه فضلا عن أن يثبت ما ترتب عليه وأما كونها بعوض مال معلوم فقد تقدم في البيع أنه لا يكون إلا كذلك والشفعة مترتبة عليه.
وأما قوله: "على أي صفة كانت" فوجهه عموم أدلة الشفعة ووجود ما علل ثبوتها من دفع الضرر.
قوله: "لكل شريك مالك في الأصل" الخ.
أقول: أحاديث ثبوت الشفعة لمطلق الجار قد قيدتها الأحاديث الواردة بأن الشفعة في كل ما لم يقسم وأنها إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة فإفاد هذا التقييد بأنه لا شفعة للجار الملاصق الذي لا خلطة بينه وبين شريكه ودعوى الإدراج في قوله فإذا وقعت الحدود الخ غير مقبولة فإنها ثابتة من حديث جابر عند البخاري وغيره وقد أخرجها أبو دأود وابن ماجه بإسناد رجاله ثقات بلفظ: "إذا قسمت الدار وحدث فلا شفعة"، ومع هذا فأصل الحديث الثابت في الصحيحين وغيرهما بلفظ أنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم وفي لفظ قضى بالشفعة في كل شركة لم يقسم يدل على أنه لا شفعة فيما قد قسم وهذا هو معنى هذه الزيادة فمن أعلها بالإدراج ورتب على ذلك ثبوت شفعة الجار الملاصق بعد القسمة مردود عليه بأصل الحديث وأما حديث: "الشفعة في كل شيء"، على فرض ثبوته فهو مطلق مقيد بالأحاديث المصرحة بعدم القسمة وبأنها إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وأما حديث الشريد بن سويد قال: قلت: يا رسول الله أرضي ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار فقال: "الجار أحق بسقيه ما كان" أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه فقد أعل بالاضطراب والإرسال وعلى كل حال فهو لا يصلح لمعارضة ما في الصحيحين وغيرهما وأما حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جار الدار أحق بالدار من غيره". أخرجه أحمد "٥/٨:١٢"، وأبو دأود "٣٥١٧"،والترمذي "١٣٦٨"،وصححه والبيهقي والطبراني والضياء فهو من طرق الحسن عن سمرة وفي سماعه منه المقال المتقدم على أنه مقيد بما في الصحيحين وغيرهما وبحديث جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة