غالبا ولا بحاجة المالك إلى العين ولا بجهل قدر مسافة جهة وكتاب ذكر لقبهما للبريد والناسخ.
قوله: فصل: "ولكل منهما فسخ الفاسدة" الخ.
أقول: إذا حصل التراضي على مدة معلومة بأجرة معلومة فهذه هي الإجارة الصحيحة وهي من هذه الحيثية داخلة تحت قوله سبحانه: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩] ، وإذا لم يحصل هذا التراضي فلا إجارة من الأصل وإذا عرفت أن حاصل هذا التراضي هو جعل الأجرة في مقابل تلك المنفعة في تلك المدة مع كون العين ومنافعها باقية في ملك المالك فإذا قال المالك بعد أن وقع الاستغراق لبعض المنافع قد رغبت عن هذه الأجارة أو قال مستأجر العين أو المؤجر لنفسه قد رغبت عن ذلك فهل من دليل يدل على إلزام من رغب بالوفاء فإن الرغوب إن كان من جهة المالك فقد رضي بترك الأجرة المقابلة لما بقي من الأجرة ولا يصح قياس الإجارة على البيع فإن المتراضي في البيع قد خرج به المبيع عن إلى ملك مشتريه بالثمن المتواطئ عليه وها هنا لا خروج بل المنفعة باقية في ملك مالك العين واستحقاق الأجرة إنما هو بحسب ما قد استغرقه من المنافع في وقت بعد وقت فإذا لم يدل دليل على لزوم الاستمرار من الجهتين جاز لكل واحد تركها متى شاء وقد أخذ صاحب العين ما يقابل منفعته من الأجرة وأخذ من عليه الأجرة ما يقابل الأجرة اللازمة له من منفعة العين وإن كان ثم دليل على لزوم الاستمرار فما هو وإذا عرفت هذا هان عليك الخطب وسهل عليك التخلص من هذه التفريعات المبنية على شفا جرف هار المؤسسة على السراب المسندة إلى الهباء ومما يؤيد هذا البحث ويشد من عضده ما قدمنا لك من أن الأجرة إنما تستحق بالعمل في كل إجارة وإذا جاز التتارك بلا سبب في الإجارة الصحيحة فجواز الترك لرؤية أو عيب أو بطلان منفعة أو زوال غرض أو عروض عذر أو موت أو حاجة المالك إلى العين أولى وأحرى.
وأما قوله:"ولا بجهل قدره مسافة جهة" الخ فمن غرائب الاجتهاد فإن ذكر اللقب لا يرفع الجهالة للمقدار فكيف لا يجوز لأجير أن يترك الإجارة لهذا الجهل الذي يسوغ به ما هو أشد لزوما من الإجارة كما قدمنا في الخيارات.
[فصل
وتنفذ مع الغبن الفاحش من رأس المال في الصحة وإلا فالغبن من الثلث ولا يستحقها المتبرع ولا الأجير حيث عمل غيره لا عنه أو بطل عمله قبل التسليم كمقصور ألقته الريح في صبغ أو أمر بالتسويد فحمر ويلزم من ربى في غصب مميزا أو حبس فيه