ويكره على العمل المكروه وتحرم على واجب أو محظور مشروط أو مضمر تقدم أو تأخر غالبا فتصير كالغصب إلا في الأربعة إن عقدا ولو على مباح حيلة وإلا لزم التصدق بها ويعمل في ذلك بالظن فإن التبس قبل قول المعطي ولو بعد قوله على المحظور] .
قوله:" فصل: ويكره على العمل المكروه".
أقول: قد جعل بعض أهل العلم من العمل المكروه أجرة الحجام فإنه نهى عنها صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة عند أحمد "٢/٢٩٩، ٣٣٢، ٢٤٧، ٤١٥، ٥٠٠"، بإسناد رجاله رجال الصحيح وسماه النبي صلى الله عليه وسلم:"خبيثا" كما في حديث رافع بن خديج عند أحمد "٣/٤٦٤، ٤٦٥"، وأبي داود "٣٤٢١"، والترمذي "١٢٧٥"، وصححه وسماه صلى الله عليه وسلم:"شر المكاسب" كما في رواية للنسائي من حديث رافع هذا وزجر صلى الله عليه وسلم سيد العبد الحجام عن كسبه ورخص له أن يعلفه ناضحه كما في حديث محيصة بن مسعود عند أحمد "٥/٤٣٥، ٤٣٦"، برجال الصحيح وأخرجه أيضا أبو داود "٣٤٢٢"، والترمذي "١٢٧٧"، وقال حسن وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه حجمه أو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخففوا عنه وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس وثبت أيضا في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم حجمه عبد لبني بياضة وأعطاه أجره وكلم سيده فخفف عنه من ضريبته فيجمع بين هذه الأحاديث بأن الأجرة على الحجامة مكروه ولكنه يبعد منه صلى الله عليه وسلم أن يفعل المكروه أو يقرر صاحبه عليه وأما كونها تحرم على واجب أو محظور فقد تقدم دليله عند قول المصنف غير واجبة عليه ولا محظورة وأما تقييد ذلك بالشرط أو الإضمار فلا يظهر له وجه صحيح وأما كون الأجرة تصير كالغصب فوجهه أنه حرام فلا يحل لمن صار إليه أن ينتفع به بوجه من الوجوه.
وأما قوله:"إلا في الأربعة" فهي التي تقدمت في البيع حيث قال المصنف لكنه يطيب ربحه وتبرئ من رد إليه والأجرة إن لم يستعمل ولا يتضيق الرد إلا بالطلب وقد قدمنا الكلام عليها هنا لك.
وأما قوله:"إن عقد" فلا وجه له لأن الحرام على كل حال.
وأما قوله:"وإلا لزم التصدق بها" فلا وجه له بل يجب الرد لمالكه فإن امتنع من قبوله وجب عليه أن يخلي بينه وبينه فإن شاء قبضه وإن شاء تركه لأن التصدق بمال الغير بغير إذنه لا يجوز وأما كونه يعمل بالظن عند اللبس فظاهر ولكن عروض اللبس في مثل هذا قليل الوقوع لأن المقاصد لا تخفي فإن كان في الذي دفع إليه المال ما يحتمل أن يكون دفعه إليه لوجه جائز ولوجه غير جائز فالمؤمنون وقافون عند الشبهات.