للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجعل أحب أمواله إليه في الأقربين وقال صلى الله عليه وسلم: "أما خالد فقد حبس أدراعه وأعتده في سبيل الله"، [البخاري "٣/٣٣١"، مسلم "١١/٩٨٣"، أحمد "٢/٢/٣٢٢"، أبو داود "١٦٢٣"،النسائي "٢٤٦٤"] ، وقال: "إذا مات الإنسان انقطع علمه إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"، وهذه أحاديث صحيحة معروفة وثبت وقوع الوقف من جماعة من الصحابة بعد موته فالعجب مما قام في وجه هذه الشريعة الواضحة والسنة القائمة بما يحكى عن ابن عباس أنه قال لا حبس بعد نزول سورة النساء مع أن هذا لم يثبت عنه من طريق معتبرة وما قيل من أنه أخرجه عنه البيهقي في الشعب ففي إسناده من لا تقوم به الحجة ومع هذا فهو اجتهاد صحابي ليس بحجة على أحد على أن مراده شيء آخر غير الوقف وهو أنها لا تحبس فريضة عمن أعطاها الله سبحانه كما يدل عليه قوله لا حبس بعد نزول سورة النساء ولو قدرنا أنه يريد الوقف لكان محجوبا بالأدلة الصحيحة وبإجماع الصحابة.

قوله: "فصل: يشترط في الواقف التكليف والإسلام".

أقول: أما اشتراط التكليف فلكون غير المكلف محجورا عن التصرف في ماله بما فيه عوض كالبيع ونحوه فكيف بما لا عوض فيه وأما اشتراط الإسلام فقد تقرر أن الوقف قربة من القرب الموجبة لعظيم الثواب والكافر غير متأهل لذلك فإن فعل فليس هذا الذي فعله هو الواقف الشرعي الذي نحن بصدده وليس الكلام إلا الوقف الشرعي وأما اشتراط أن يكون الموقوف مما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه فلكونها لا توجد ماهية الوقف إلا فيما كان كذلك لأن الوقف هو تحبيس الأصل وتسبيل فوائده.

وأما قوله: "ولو مشاعا" فظاهر لأن الأصل عدم المانع وقد طول جماعة الكلام في وقف المشاع استلالا وردا وكله في غير طائل وهكذا تصح الصورة التي ذكرها وهي وقف جميع المال وفيه ما يصح ولا لا يصح لأن وجود ما لا يصح وقفه فيما تناوله الوقف لا يصلح أن يكون مانعا لصحة وقف ما يصح وقفه فيصح ما يصح ويبطل ما يبطل كما قدمنا على قوله ومتى انضم إلى جائز البيع غيره فسد.

وأما قوله: "ولا يصح تعليق تعيينه في الذمة" فوجهه عدم استقرار ما وقع الوقف عليه وليس مثل هذا ينبغي أن يكون مانعا من الصحة فإنه إذا قال وقفت أرضا من الأراضي التي أملكها كان متقربا واقفا بمجرد صدور هذا منه وبعد ذاك التعيين إليه في أي أرض أراد من أملاكه ومن زعم أن في هذا الوقف مانعا يمنع من صحته فالدليل عليه وإن لم يكن إلا مجرد الرأي المبني على الهباء فرأيه رد عليه.

وأما قوله: "ولا تلحقه الإجازة" فلا وجه له لأن الإجازة نفسها هي التي حصل بها الوقف كما قدمنا مثل هذا في غير موضع.

وأما قوله: "وإذا التبس ما قد عين في النية" الخ فوجهه أن ذلك الغير الذي وقع

<<  <   >  >>