للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتقرر بمجموع هذه الأدلة أن ميتة البحر حلال بأي سبب كان ولا يصلح لتخصيص هذه العمومات ما أخرجه أبو داود "٣٨١٥"، مرفوعا من رواية يحيى بن سليم عن جابر بلفظ: "ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه"، لأنه قد أعل بأن يحيى بن سليم ضعيف الحفظ وقد أعل بالوقف وهو الصواب وقد استوفينا كلام الحفاظ عليه في شرح المنتقى ومع أنه قد روي عن بعض الصحابة ما يعارض هذا الموقوف على جابر فأخرج البخاري "٩/٦١٤"،عن أبي بكر الصديق أنه قال: "الطافي حلال" وأخرج البخاري "٩/٦١٤"، أيضا عن ابن عباس أنه قال في تفسير الآية: "طعامه ميتته".

قوله: "ومن غيره في غير الحرمين ما انفرد بقتله بخرق لا صدم ذو ناب يقبل التعليم".

أقول: أما الاصطياد بالكلاب المعلمة فالأحاديث الكثيرة الصحيحة قد وردت بجواز ذلك ومنها حديث أبي ثعلبة الخشني في الصحيحين [البخاري "٥٤٧٨"، مسلم "١٩٣٠"] ، وغيرهما [أبو داود "٢٨٥٦، ٢٨٥٧"، ابن ماجة "٣٢٠٧"، أحمد "١٤/١٩٣، ١٩٤"] ،بلفظ: "ما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل"، وفي معناه حديث عدي بن حاتم في الصحيحين البخاري "٥٤٧٥"، مسلم "١، ٢، ٣/١٩٢٩"، وغيرهما أبو داود "٢٨٤٨"، الترمذي "١٤٧٠، ١٤٧١"، النسائي "٧/١٧٩، ١٨٠"، ابن ماجة "٣٢١٤"، أحمد "٤/٢٥٦"] .

وأما الصيد بالباز فلحديث أحمد وأبي داود والبيهقي من حديث عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك". وقد أعل بتفرد مجالد بن سعيد بذكر الباز قال البيهقي تفرد بذكر الباز فيه مجالد وخالفه الحفاظ انتهى ولا يخفى أن مجالدا من رجال مسلم وأهل السنن وأما ما ذكره بعض الشراح من أن الترمذي أخرجه من طريق أخرى فلا أصل لذلك بل لم يخرجه إلا من طريق مجالد وقال بعد إخراجه هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي انتهى.

والحاصل أن الله سبحانه قد قال في كتابه العزيز: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: ٤] ، فما صدق عليه أنه من الجوارح فالصيد به حلال فالبازي إذا كان من جملة الجوارح لم يحتج إلى الاستدلال عليه بغير الآية.

وأما قوله: "مكلبين" المراد به معلمين لما تصيدون به وليس المراد الكلاب فقط فقد ذهب إلى حل صيد جميع الجوارح جمهور العلماء وأما التعليم فهو مجمع على اشتراطه كما حكى ذلك ابن رشد في نهايته.

وأما اشتراط أن يكون الصيد في غير الحرمين فوجهه واضح وأدلته قد تقدمت في الحج وأما اشتراط أن يكون القتل بخرق لا صدم فيدل عليه اشتراط ذلك في الصيد الذي صيد بالرمي كما في حديث عدي بن حاتم الثابت في الصحيحين البخاري "٩/٦٠٤"، نممسلم "١/١٩٢٩"، وغيرهما أبو داود "٢٨٢٧"، الترمذي "١٤٦٥"، ابن ماجة "٣٢١٥"، النسائي "٤٢٧٦"، أنه صلى الله عليه وسلم قال له: "إذا رميت

<<  <   >  >>