فليأكلوه"، قال الترمذي: حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم في هدى التطوع إلى آخر كلامه في سننه وأخرج نحوه مالك في الموطأ عن هشام ابن عروة عن أبيه.
وورد في منع بيع الهدى ما أخرجه أحمد وأبو داود والبخاري في التاريخ وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن ابن عمر قال أهدى عمر نجيبا فأعطي بها ثلاثمائة دينار فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أهديت نجيبا فأعطيت بها ثلاثمائة دينار فأبيعها وأشتري بثمنها بدنا؟ قال: "لا انحرها إياها".
فالحاصل أنه إن صح قياس الأضحية على الهدى فذاك وإلا فالأصل عدم ثبوت شيء من هذه الأحكام ومما يدل على اختلاف البابين أنه قال في الضحايا: "كلوا وادخروا واتجروا".
قوله: "فإن فاتت أو تعيبت بلا تفريط لم يلزمه البدل".
أقول: قد قدمنا الأدلة على وجوب الأضحية فهذه التي اشتراها إذا تلفت أو تعيبت بقي الخطاب عليه في الوفاء بما هو واجب عليه إن كان قائلا بالوجوب أو بما هو سنة إن كان يرى أنها سنة فكون مجرد التلف أو التعيب مسقط للأضحية مسوغا لعدم إبدال ما تلف أو تعيب محتاج إلى دليل وكيف يصح هذا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لمن ذبح قبل الصلاة أن يذبح مكانها أخرى ويقول لمن نحر قبل نحره أن يعيد بنحر آخر ويقول: "من كان ذبح قبل الصلاة فليعد"، وهذه الأحاديث قد تقدمت وهي ثابتة في الصحيح فينظر ما وجه كلام المصنف فإن هذا أيضا مع كونه خلاف الدليل بخالف حكم الهدي فيكون قادحا في القياس مع أنه لا وجه لثبوت ما ذكره من أحكام الأضحية إلا مجرد قياس على الهدي كما قدمناه وأيضا مما يقدح في ذلك القياس تجويز المصنف للبيع لإبدال مثل أو أفضل مع ما تقدم في الهدى من نهيه صلى الله عليه وسلم لعمر عن البيع وأمره بأن يذبح النجيبة.
وأما قوله: "وما لم يشتره فبالنية حال الذبح" فالظاهر أنه لا فرق بين ما اشتراه وما لم يشتره إذ أنه إذا ذبحه بنية الأضحية وفى بما عليه وصار فاعلا لما شرعه الله لعباده من الضحايا.
قوله: "وندب توليه بنفسه".
أقول: وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته بيده الشريفة كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة البخاري "١٠/١٨"، مسلم "١٧/١٩٦٦"، فمن أراد القيام بحق هذه القربة المتواترة والشريعة الواضحة فليفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مانع من شرع ولا عقل من الاستنابة والمنع من ذلك مجرد قاعدة فقهية لا يعرف لها أصل ولا يحسن.
والاستدلال على المنع بنحره صلى الله عليه وسلم لهديه بيده مرفوع بأن هذا الحديث بخصوصه يدل على جواز الاستنابة فإنه صلى الله عليه وسلم استناب عليا في نحر البعض كما ذلك ظاهر مشهور ثابت في الصحيح فهو حجة على المستدل به لا له.
قوله: "وفعله في الجبانة".
أقول: وجه هذا ما ثبت في الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته في الجبانة فالاقتداء به