فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} ومع هذا فقد ورد في حل أكلها ما تقوم الحجة ببعضه فثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في لحوم الخيل وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت ذبحنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا ونحن بالمدينة فأكلناه وفي لفظ لأحمد "٦/٣٤٦، ٣٤٧": "فأكلناه نحن وأهل بيته".
وقد أجمع الصحابة على حل الخيل ولم يخالف في ذلك أحد منهم وقد كانت الجاهلية تأكلها في الإسلام وقرر ذلك وما روى عن ابن عباس من أنه قال بكراهيتها فلم يثبت ذلك عنه من وجه صحيح وقد قال بالكراهة الحكم بن عتيبة ومالك وبعض الحنفية والحق الحل بلا كراهة.
وأما الاستدلال على التحريم بقوله عزوجل:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا}[النحل: ٨] .فساقط لأن الامتنان بنعمة من النعم التي أنعم الله بها على عباده فيما خلقه من الحيوانات لا ينافي غيرهما من النعم هذا على تقدير عدم ورود الأدلة الدالة على الحل فكيف وقد وردت هذه الأدلة التي ذكرناها والبعض منها يكفي وأيضا لو نظرنا إلى الأدلة القرآنية فقط لكان قوله عزوجل:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً}[الأنعام: ١٤٥] ، الآية وقوله:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً}[البقرة: ٢٩] ، يدلان بعمومهما على الحل ولا يصلح مجرد الامتنان بنعمة الركوب والزينة لتخصيص عمومهما لعدم الملازمة بين الامتنان والتحريم وأيضا الآية أعني قوله:{لِتَرْكَبُوهَا} مكية بالاتفاق وتحليل الخيل كان بعد الهجرة فلو فرضنا أن فيها دلالة كما زعموا لكانت منسوخة بأدلة التحليل.
قوله:"والبغال".
أقول: قد ذهب الجمهور إلى تحريمها ولا بد من مخصص لها من عموم قوله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} وقد أخرج أحمد "٣/٣٦١"، والترمذي "١٧٩٣"، بإسناد لا بأس به من حديث جابر قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الإنسية ولحوم البغال وأخرج أحمد "٤/٨٩"، من حديث خالد بن الوليد بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن ينادى وفيه:"وحرام عليكم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها" وقد ضعفه جماعة من أهل الحديث ولكنه معتضد بالحديث الأول وبعموم القرآن وأخرجه أيضا أبو داود "٣٧٩٠"، من حديثه بلفظ نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل وأخرجه أيضا ابن حبان وصححه.
قوله:"والحمر الأهلية".
أقول: الأحاديث الثابتة في تحريم الحمر الأهلية متواترة فمنها في الصحيحين من حديث جابر البخاري "٥٥٢٤"، مسلم "٣٦/١٩٤١"، وابن عمر البخاري "٥٥٢١"، مسلم "٢٤/٥٦١"، وابن عباس البخاري "٤٢٢٧"، مسلم "٢٣/١٩٣٩"، وأنس البخاري "٥٥٢٨"، مسلم "٣٤/١٩٤٠"، والبراء بن عازب