محضا والإقرار بفساد نكاح مع نفي غيره ويكفي مدعي الإرث دعوى موت مورثه مالكا] .
قوله:"فصل: ولا تسمع دعوى تقدم ما يكذبها محضا".
أقول: وجه هذه الدعوى التي قد علم كذبها بما تقدمها لا يحل قبولها ولا سماعها لأن ذلك إتعاب المدعى عليه بما قد اعترف المدعي بكذبه إذا كان ذلك الذي تقدم في إكذابها لا يمكن الجمع بينه وبين الدعوى اللاحقة له بوجه صحيح.
فالحاصل أن مستند إبطال هذه الدعوى هو إقرار المدعي بأنها باطلة والإقرار سبب قوي من أسباب الحكم بل هو أقوى الأسباب التي ورد بها الشرع فإذا كلفنا من وقعت عليه الدعوى بإجابتها وأدخلناه في الخصومة كان ذلك ظلما بينا وخروجا عن العدل ومخالفة وهذا ظاهر لا يخفى.
قوله:"وعلى ملك كان".
أقول: لا وجه للمنع من قبول هذه الدعوى لجواز أن تكون اليد الثابتة على ذلك الشيء يد عدوان ولا يرتفع هذا التجويز إلا بظهور الناقل عن تلك اليد القديمة إلى هذه اليد الثابتة في الحال نعم إذا أنكر ثابت اليد أن ذلك الشيء كان ملكا لمن ادعى المدعي أنه كان مالكا له لم يكن عليه إلا اليمين على نفي العلم بذلك أما إذا حصل الاتفاق أنه كان في ملك من ادعى له المدعي فلا يجوز إهمال هذه الدعوى أصلا لأن ذلك خلاف ما أمر الله سبحانه به من الحكم بالعدل والحق فلا بد من ظهور وجه النقل عن ذلك الملك الذي كان وإلا كان وقع هذه الدعوى باديء بدء من الظلم البين للمدعى.
قوله:"ولغير مدع في حق آدمي محض".
أقول: قد أمر الله سبحانه بالتعاون على البر والتقوى وأوجب على عباده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعلوم أن من كان عليه حق لآدمي فعاون من له الحق بعض من له اطلاع على الحقيقة ولا سيما إذا كان من له الحق لا يطيق الدخول في الخصومات أو كان مؤثرا للسلامة على ذلك فمعلوم أن الأخذ على يد من عليه الحق حتى يرد ما عليه هو من جملة ما شرعه الله لعباده من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن جملة ما حثهم عليه بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢] ، ولاشك أن إصدار الدعوى على من عليه الحق هي أقل رتب التناكر والتعاون وإذا كان هذا من هذا القبيل فما الوجه المخصص له والموجب لبطلان قبوله وسد الأذن عن سماعه ودعوى أنه لا يقبل في حق آدمي محض؟ وما هو المخرج لهذا النوع وهو حقوق بني آدم المحضة عن عموم ما شرعه الله لعباده فإنه من جملة ما يندرج تحت العموم بل من أهم ما يتناوله نعم إذا كان من له الحق راغبا عنه لم يقعده عن طلبه سبب من الأسباب الحاملة على الترك فليس لغيره أن يكون أحرص منه على ما هو له.
قوله:"والإقرار بفساد نكاح إلا مع نفي غيره".
أقول: التنصيص على هذه الصورة هو جمود لا أصل له ولا سبب يقتضيه ولو جاء بما