للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: فصل: "ويعتبر في الزنا وإقراره أربعة رجال أصول".

أقول: أما على الفعل فهو نص القرآن وإجماع السلف والخلف وأما الشهادة على الإقرار فسيأتي لنا في الحدود إن شاء الله أنه يكفي للإقرار مرة واحدة فلا وجه لإيجاب أربعة شهود على الإقرار وإنما يتوجه ذلك لو كان الإقرار أربع مرات كما هو اختيار المصنف ومن معه وأما اشتراط كونهم رجالا أصولا فوجهه الاحتياط والتحري في الحدود لما يستلزمه من الإضرار بالأبدان ولما ثبت فيها من أنها تدرأ بالشبهات ولكن هذه العلة قاصرة على إفادة المطلوب.

والحاصل أنه لم يدل دليل على هذا الاشتراط ولا على اشتراط كون الشهادة في حق الله وفي القصاص من الرجال الأصول وظاهر القرآن أن الرجل والمرأتين يقومون مقام الرجلين في كل شيء فمن ادعى التخصيص فعليه البرهان ولا يصلح لذلك ما رواه ابن أبي شيبة من قول الزهري إنها مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين بعده أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود لأنه مع كونه مرسلا في إسناده ضعف فلا يصلح أن يكون شبهة في الحدود فضلا عن القصاص وسيأتي في فصل الادعاء ما فيه زيادة فائدة إن شاء الله.

قوله: "وفيما يتعلق بعورات النساء عدلة".

أقول: هذا إخبار لا شهادة وخبر العدل أو العدلة مقبولة فيما ورد قبوله فيه وأما كونه يصلح مستندا للحكم ففيه نظر لأن الله سبحانه شرع لنا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ومما يقوي قبول خبر العدل أو العدلة فيما يترتب عليه عمل يتعلق بالغير ما ثبت في صحيح البخاري "١٣/١٨٥، ١٨٦"، وغيره أحمد "٥/١٨٦"، أبو داود "٣٦٤٥"، الترمذي "٢٧١٥"، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود وقال حتى كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه ولكن ليس هنا خصومة حتى يكون مثل هذا دليلا على قبول الواحد فيها ولهذا قال الكرماني لا نزاع لأحد أنه يكفي ترجمان واحد عند الإخبار وأنه لا بد من اثنين عند الشهادة وقال ابن المنذر القياس يقتضي اشتراط العدد في الأحكام لأن كل شيء غاب عن الحاكم لا يقبل فيه إلا البينة الكاملة والواحد ليس ببينة كاملة حتى يضم إليه كمال النصاب غير أن الحديث إذا صح سقط النظر وفي الاكتفاء بزيد بن ثابت وحده حجة ظاهرة لا يجوز خلافها انتهى.

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بزيد بن ثابت في خصومة بل في الإخبار عن كتاب اليهود وأما ما روى من قول الزهري مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادة النساء وغيرها فهذا مع كونه مرسلا قد أخرجه ابن أبي شيبة قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن الزهري وأخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري أيضا وهو لأئمة أثبات.

والحاصل أن الحاكم إذا أراد مزيد الاستثبات استكثر من العدلات حتى يغلب ظنه بصدق قولهن ولهذا روى عن الشافعي أنه لا بد من ثلاث وعن مالك والأوزاعي ثنتان.

<<  <   >  >>