أن يطلب من الحالف كفيلا في المجلس حتى يأتي ببينته وليس للتنصيص على هذا كثير فائدة وقد قدمنا أنه انقطع الحق باليمين فلا تقبل البينة بعدها.
قوله:"ويصح بالمال عينا مضمونة أو دينا".
أقول: أما صحتها بالمال فظاهر وأما اشتراط أن تكون العين مضمونة فينبغي أن يقال أن يكون ردها واجبا على من هي في يده وإن لم تكن مضمونة فإذا كان الرد واجبا كانت الكفالة صحيحة ويجب الرد على الكفيل كما يجب على المكفول عليه فإن تلفت كان لها حكم ما تلف من الأعيان التي لا تضمن ولاشك في صحة الضمانة بتسليم الدين وليس في ذلك نزاع.
قوله:"وبالخصم".
أقول: هذه الكفالة بالوجه مما يصدق عليها معنى مطلق الكفالة ويصدق على الكفيل أنه زعيم فيلزمه ما يلزم الزعيم إذا تعذر إحضار المكفول بوجهه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "الزعيم غارم"، كما أخرجه أبو داود "٣٥٦٥"، والترمذي "١٢٦٥"، وابن ماجة ٢٤٠٥"، ولا وجه لتضعيف الحديث بإسماعيل بن عياش فهو إنما يضعف في روايته عن الحجازيين وهو في روايته عن الشاميين قوي وقد روى هنا عن شامي وهو شرحبيل بن مسلم وللحديث طرق وله في النسائي طريقان من رواية غير إسماعيل بن عياش وقد صحح أحدهما ابن حبان.
فكفيل الوجه إذا تعذر عليه إحضار من تكفل بوجهه لزمه ضمان ما عليه بهذا الحديث إن كان الذي عليه مما يتعلق بالمال لا إذا كان مما يتعلق بالدين فعليه السعي في تحصيله حتى يتعذر ذلك لكل وجه وسيأتي تمام الكلام في ضمين الوجه لكنك قد عرفت بهذا أن كفالة الوجه تنول إلى ضمان المال وأن الحق قول من قال بذلك للدليل المذكور.
وأما قوله: "ويكفي ذكر جزء منه مشاع أو يطلق على الكل" فظاهر.
قوله: "وتبرعا ولو عن ميت معسر".
أقول: وجهه أنه أدخل نفسه فيما يخشى من عاقبته التضمين فلزمه الضمان بقوله صلى الله عليه وسلم: "الزعيم غارم"، وقد دل الدليل على صحة الكفالة عن الميت المعسر كما أخرجه البخاري وغيره من حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها فقال: "هل على صاحبكم من دين؟ "، فقالوا: نعم ديناران, فقال: "صلوا على صاحبكم"، فقال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم, زاد أحمد والدارقطني والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما قضى دينه: "الآن بردت عليه جلدته"، وقد روي من طرق وفيها اختلاف في قدر الدين وقد تقرر بأصل الحديث صحة الضمانة.
قوله: "ولفظها" الخ.
أقول: قد عرفناك أن الاعتبار بما يفيد المعنى ولو بإشارة والمرجع في المدلولات إلى الأعراف لأن المتكلم يتكلم بما يقتضيه عرفة.
وأما قوله: "وهو علي في المال" فإن كان هذا بيانا لعرف عرفه المصنف فلا حجة في