الحديث وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله كما تحيض النساء".
فلو قيل إن أكثر الحيض سبعة أيام لكان لذلك وجه.
قوله: "ويتعذر قبل دخول المرأة في التاسعة".
أقول: قد استدل على تعذره قبل دخول المرأة في التاسعة بالإجماع وكذلك استدل بالإجماع على تعذره قبل أقل الطهر بعد أكثر الحيض.
وأما تعذره بعد الستين فاستدل عليه بأنه أكثر ما قيل في مدة الإياس فكان إجماعا.
والحاصل أنه لا دليل على هذه الثلاث الحالات التي يتعذر عندها الحيض لا من كتاب ولا سنة وليس إلا مجرد الاستقراء وذلك أنه لم ينقل أن امرأة حاضت حيضا شرعيا قبل تسع سنين ولا بعد ستين سنة.
وأما أقل الطهر بعد أكثر الحيض فلا خلاف في ذلك بين القائلين بتقدير مدة أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر وكل على أصله.
وأما من لم يقل بذلك التقدير وجعل الاعتبار بصفات الدم لمن لم تتقرر عادتها فهو خارج عن هذا الإجماع المدعي.
وأما الحالة الرابعة وهي حالة الحمل فهي محل الخلاف وقد استدل كل قائل لقوله بما لا يلزم خصمه وقد يقع لبعض النساء الحيض في أيام حملها ولكن القائل بأنها حالة تعذر لا يقول بأن ذلك حيض بل يجعله لفساد عرض للحامل في طبيعتها ولا يخفاك أنه إذا كان متصفا بصفات دم الحيض التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في دم الحيض "إنه أسود يعرف" [أبو دأود "٢٨٦و٣٠٤"، النسائي "١/١٢٣" و "١/١٨٥"] ، كان الظاهر مع من يقول إنه دم حيض وقد سمعنا في عصرنا بوقوع ذلك لكثير من النساء ولا يلزم من القول بأنه دم حيض أن تعتد بالحيض فإن الدليل الخاص قد دل على أن عدة الحامل بوضع الحمل ولا يلزم من ذلك أيضا أن لا يكون الحيض معرفا لخلو الرحم عن الحمل في الاستبراء لأنا نقول هو معرف إذا لم تظهر قرائن الحمل فإن ظهرت لم يكن معرفا لأن كونه معرفا قد عورض بشيء آخر.
وهذه المسألة من المضائق لما يترتب عليها من ترك صلاة المرأة وصيامها على القول بأن ذلك حيض أو فعل الصلاة والصيام واعتدادها بذلك وعدم قضاء الصيام على القول بأنه ليس بحيض وليس في المقام من الأدلة الشرعية ما تسكن إليه النفس سكونا تاما.
قوله: "وتثبت العادة لمتغيرتها" إلي آخره.
أقول: استدلوا على ثبوت العادة بالقرائن بما أخرجه أبو دأود والترمذي وابن ماجة من حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها" [أبو دأود "٢٩٧"، الترمذي "١٢٦"، ابن ماجة"] .
وقد تكلم في إسناد الحديث بما لا يوجب سقوطه عن درجة الاعتبار وله شواهد تقويه