الحاكم المستند الذي حكم به عليه فإن جاء بما يخالفه ويترجح عليه عمل عليه وإلا أقنعه بما تقدم من الحكم عليه ولا وجه للاقتصار على قوله فليس إلا له تعريف الشهود لأن مستندات الحكم أكثر من ذلك.
وأما قوله:"ولا يجرح إلا بمجمع عليه" فلا وجه له بل يثبت الجرح بما يوجب سلب العدالة المعتبرة في الشهود لأنها إذا سلبت ذهب المقتضي للحكم ووجد المانع فلا أثر للحكم بعد عدم المقتضي ووجود المانع.
وأما ما ذكره من الإبقاء من مال الغائب فهو صحيح مع التوثق منه بألا يخرجه عن ملكه قبل معرفة ما ينتهي إليه الحال.
وأما الفرق من المصنف بين ما ثبت للغائب بالإقرار والنكول بين ما يثبت له بالبينة فوجهه أن ما ثبت له بالاعتراف أو بما هو في حكمه قد ثبت بمستند لا يحتمل النقض بخلاف ما ثبت بالبينة ولكنه يمكن أن يقال أن الإقرار ونحوه إذا رده المقر له بطل كما تبطل البينة إذا أقر بعدم صحتها فالاحتمال كائن في الجميع والتجويز يدخل الكل ولا وجه لما علل به بعضهم من أن الحكم بالبينة حكم الغائب ولا يجوز إجماعا لأنا نقول وهكذا الحكم بالإقرار وما هو في حكمه حكم لغائب.
قوله:"وتنفيذ حكم غيره" الخ.
أقول: إذا كان المتولى للحكم بمكان مكين من العلم والدين فالظاهر أن حكمه حق وعدل وما كان كذلك فتنفيذه حق وعدل ولا سيما إذا كان لا ينفذ إلا بهذا التنفيذ فإنه واجب تنجيزا لحكم الله عزوجل وقياما بحق المظلوم وأخذا له من الظالم.
وأما قوله:"والحكم بعد دعوى قامت عند غيره" فلا مانع من هذا وليس قيام الدعوى عند الغير مما يوجب أن لا يحكم فيها غيره من الحكام ولكن لا بد من أن يسمع الحاكم الآخر ما يقوله الخصمان للحديث الذي قدمناه في قوله ويسمع الدعوى أولا ثم الإجابة.
وأما قوله:"إن كتب إليه وأشهد أنه كتابه وأمرهم بالشهادة" إلى آخر ما ذكره فإن كان يحصل للحاكم الأخر بهذه المكاتبة ما يحصل له بالسماع من الخصمين أغنى ذلك عن إعادة الدعوى وإلا فلا بد من إعادتها لديه ولا وجه لاستثناء الحدود والقصاص والمنقول الموصوف والتعليل الذي عللوا به لا ينتهض للمانعية.
والحاصل أن العمل في هذا البحث راجع إلى مسألة العمل بالخط وقد ثبت العمل به الأدلة المتكاثرة كما بيناه في رسالة مستقلة فإذا كان خط الحاكم الأول معروفا لدى الحاكم الآخر بحيث لا يعتريه فيه شك ولا شبهة كان ذلك قائما مقام مشافهته وإلا فلا.
قوله:"وإقامة فاسق" الخ.
أقول: لا ملجيء ها هنا إلى إقامة من لا يؤتمن لا سيما مع اشتراط أن يحضر معه الحاكم أو مأمونه فإن حضور أحدهما يغنى عن حضور الفاسق فإن كان للفاسق مزيد خبرة وكمال