فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، فقطع يد المخزومية ومن هذا حديث: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله عزوجل في أمره"، أخرجه أحمد "٣٥٨٥، ٥٥٤٤"، وأبو داود "٣٥٩٧"، والحاكم وصححه من حديث ابن عمر ومن ذلك حديث: "ما بلغني من حد فقد وجب"، أخرجه أبو داود ٤٣٧٦"،والنسائي "٤٨٨٦"، من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص وفي الباب أحاديث دالة على عدم جواز إسقاط الحدود وعدم جواز الشفاعة فيها وأحاديث قاضية بالترغيب في إقامتها والترهيب عن إهمالها.
قوله:"إن وقع سببها في زمن ومكان يليه".
أقول: هذا مبني على أن الحدود إلى الأئمة وأنه لا يقيمها غيرهم على من وجبت عليه وليس على هذا أثارة من علم وما استدلوا به من المروي بلفظ: "أربعة إلى الأئمة" فلا أصل له ولا يثبت بوجه من الوجوه بل هو مروي من قول بعض السلف ولا شك أن الإمام ومن يلي من جهته هم أولى من غيرهم كما قدمنا.
وأما أنه يقيمها إلا الأئمة وأنها ساقطة إذا وقعت في غير زمن إمام أو في غير مكان يليه فالباطل وإسقاط لما أوجبه الله من الحدود في كتابه والإسلام موجود والكتاب والسنة موجودان وأهل الصلاح والعلم موجودون فكيف تهمل حدود الشرع بمجرد عدم وجود واحد من المسلمين ومع هذا فلا يعدم من له ولاية من إمام أو سلطان أو متول من جهة أحدهما أو منتصب بالصلاحية في كل قطر من أقطار المسلمين وإن خلا عن ذلك بعض البادية لم تخل الحاضرة.
قوله:"وله إسقاطها".
أقول: الإمام عبد من عباد الله سبحانه أنعم عليه بأن جعل يده فوق أيديهم وجعل أمره نافذا عليهم وأهم ما يجب عليه العمل بما شرعه الله لعباده وحمل الناس عليه وتنجيز ما أمر الله به ومن أعظم ما شرعه لهم وعليهم إقامة الحدود فكيف يقال إن لهذا العبد المنعم عليه أن يبطل ما أمر الله به ويهمل ما الله لعباده وأمرهم بأن يفعلوه وورد عن نبيه صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد على من تسبب لإسقاط الحد بشفاعة أو نحوها.
فالحاصل أن الإمام والسلطان لهم الأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان يقيم الحدود على من وجبت عليه ولم يسمع عنه أنه أهمل حدا بعد وجوبه ورفعه إليه وليس الاستثبات بإسقاط ولا من أسبابه وهكذا ليس درء الحد بالشبهة من ذلك ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم:"ألا تركتموه"، في قصة ما عز فإنه مبني على أن الحد يدرأ بالشبهة وأما ما عزا لما قال:"إن قومه غروه وخدعوه" كان ذلك شبهة له وبهذا تعرف أنه ليس للإمام إسقاط ما أوجبه الله إلا ببرهان من الله لا من جهة نفسه فإنه لم يفوض إليه ذلك ولا من عهدته ولا مما له مدخل فيه فإن فعل فهو معاند لله ولرسوله مضاد له خارج عن طاعته