للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله سبحانه ليبين للناس ما نزل إليهم فثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين [البخاري "١٢/٩١" مسلم "١/١٦٨٤"،] ، وغيرهما [أبو داود "٤٣٩٣"، الترمذي "١٤٤٥"، أحمد "٦/٣٦، ٨٠، ١٦٣، ٢٥٢"، من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا وهذه العبارة تدل على أنه كان يعتبر هذا المقدار في المسروق كما تقرر في الأصول وفي رواية من حديثها هذا لمسلم "١/١٦٨٤"، وأحمد "٦/٦٣، ٨، ١٦٣، ٢٥٢" والنسائي "٤٩٢٩، ٤٩٣٠"، وابن ماجة "٢٥٨٥"] ، بلفظ: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا"، وهذا صريح في أنه لا يقطع فيما دون ذلك وقد رفعته عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي لفظ من حديثها هذا عند البخاري "٦٧٩٠"، والنسائي "٤٩١٦"، وأبي داود ٤٣٨٤"، "تقطع يد السارق في ربع دينار"، وفي لفظ للبخاري "٦٧٩٠ منه: "تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا"، وفي لفظ من هذا الحديث لأحمد "٦/٨١"، "اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك"، وأخرج النسائي "٨/٧٨ من حديث عائشة أيضا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن"، قيل لعائشة ما ثمن المجن قالت ربع دينار.

فهذا الحديث قد تضمن البيان للكتاب العزيز فلا تقطع الأيدي إلا في ربع دينار فصاعدا ولا ينافيه ما وقع من الاختلاف في تقدير ثمن المجن الذي قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سارقه كما أخرجه البيهقي والطحاوي من حديث ابن عباس قال: كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم عشرة دراهم وهذه الرواية وإن كان في إسنادها مقال فقد أخرج نحوها النسائي وأخرج أبو داود "٤٣٨٧"، أن ثمنه كان دينارا أو عشرة دراهم.

ووجه عدم المنافاة أنه حكى الراوي قيمة المجن الذي قطع سارقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى تسليم أن تكون قيمته عشرة دراهم كما قدره بعض الصحابة وقد قدره البعض الآخر دينارا وليس في حديث القطع في المجن الذي في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر إلا: أنه صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم فهذا المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمته هذه القيمة وهي ثلاثة دراهم وربع الدينار صرفه ثلاثة دراهم ولا يعارض ذلك كون قيمة المجن قد تكون عشرة دراهم فإن المجان تختلف بزيادة القيمة ونقصانها وليس الحجة قائمة إلا فيما قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وافقت عائشة ابن عمر في تقويم المجن بثلاثة دراهم لأنها قالت: كما تقدم قيمته ربع دينار وصرف الربع الدينار ثلاثة دراهم وما في الصحيحين أقدم مما في غيرهما ومع هذا فلم يرد ما يدل على أنه لا قطع فيما دون ثمن المجن إلا في تلك الرواية المتقدمة عن عائشة وليست من رواية الصحيح وعلى تقدير أنها صحيحة فهي مقيدة بما قدرتها به وهو الربع الدينار فارتفع الإشكال واتفقت الأحاديث على القطع في ربع دينار ولم يرد ما يخالف ذلك من وجه تقوم به الحجة إلا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده"، فهذا

<<  <   >  >>