للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "فصل: والحرز ما وضع لمنع الداخل والخارج ألا يخرج".

أقول: الحرز هو ما يحرز فيها المالك ملكه ومعلوم أنه لا يصدق عليه أنه حرز إلا إذا كان على صفة يكون بها المال المحرز فيها مفارقا لما هو موضوع على ظاهر الأرض منبوذ في جانب من جوانبها وهذا المعنى يوجد بوجود ما يحرز الناس به أموالهم من الأبينة ونحوها على كل شيء بحسبه فحرز الثمرة ما يعتاده الناس في الجرين وحرز الماشية ما يعتاده الناس في أعطان الإبل ومرابض الغنم ونحو ذلك وحرز النقد والعرض ما يعتاده الناس من جعلها في المنازل مع تغليق أبوابها أو مع بقاء أهلها فيها وهكذا المدافن حرز لما فيها والقبور حرز لما في داخلها إذا كانت قد أحرزت لما يعتاده الناس ولا سيما بعد ورود النص في قطع النباش وهكذا المسجد ونحوه لجري عادة الناس بأنه حرز لما يجعل فيه من فرشه وآلآته بل لما دخل فيه من غيرها كما يدل عليه حديث صفوان المتقدم.

وبهذا تعرف أن المرجع الأعراف في إحراز الأموال فلا وجه لما استثناه المصنف من قوله لا الكم إلخ لأنهم إذا كانوا معتادين لإحراز الأموال في هذه الأمور كانت حرزا.

وأما ما أذن للسارق بدخوله فإن كان قد ائتمنه على ما فيه أو أمره بحفطه فلا شك أنه خائن وقد تقدم أنه لا قطع على خائن وإن لم يأتمنه على ما فيه بل أذن له بمجرد الدخول كالضيف فهذا السارق قد أخذ المال خفية وأخرجه من حرزه.

[فصل

وإنما يقطع كف اليمنى من مفصله فإن ثنى غير ما قطع به أو كانت اليمنى باطلة فالرجل اليسرى غالبا ويحبس فقط إن عاد ويسقط بالمخالفة فيقتص العمد ويتأرش الخطأ وبعفو كل الخصوم أو تملكه قبل الرفع وبنقص قيمة المسروق عن عشرة وبدعواه إياه ولا يغرم بعده التالف ويسترد الباقي في يده أو في يد غيره بغير عوض ولا يقطع والد لولده وإن سفل ولا عبد لسيده وكذلك الزوجة والشريك لا عبداهما] .

قوله: "فصل: وإنما يقطع كف اليد اليمنى من مفصله".

أقول: قول الله عزوجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] . قد دل على قطع اليد وهي حقيقة في جمعها ثم ورد البيان من السنة بأن القطع لليد هو قطع الكف من الكوع كما أخرجه أبو الشيخ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقطعون السارق من المفصل وأخرج البيهقي عن عمر مثله ويؤيده ما أخرجه أهل السنن [أبو داود "٤٤١١"، اىلترمذي "١٤٤٧"، النسائي "٨/٩٢"، ابن ماجة "٢٥٨٧"] ، عن فضالة بن عبيد أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت في عنقه وفي إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف

<<  <   >  >>